القوى الموالية لسوريا في لبنان تستخدم العنف لفرض إرادتها ...

اعربت الولايات المتحدة، امس، عن قلقها الشديد من استخدام القوى الموالية لسوريا "العنف والتهديدات والترويع لفرض ارادتها السياسية على لبنان، داعية الى التزام الوسائل السلمية والدستورية لحل الخلافات، ومؤكدة انها ستقدم مساعدات مالية طويلة المدى في مؤتمر "باريس ـ 3" الذي سيُفشل "الجهود لاطاحة الحكومة المنتخبة ديموقراطيا من خلال الغوغاء"، فيما دعا الرئيس الفرنسي جاك شيراك الذي يترأس المؤتمر غدا سوريا الى ان تدع لبنان "وشأنه ليدير شؤونه بشكل طبيعي كبلد ديموقراطي مستقل وحر".
وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية شون ماكورماك، "تشعر الولايات المتحدة بقلق بالغ من التطورات التي حدثت اليوم في لبنان"، متهما القوى الموالية لسوريا بأنها "تسعى لاستخدام العنف والتهديدات والترويع لفرض ارادتها السياسية على لبنان.. ان الولايات المتحدة تحض كل الاطراف على استخدام الوسائل السلمية والدستورية لمناقشة القضايا السياسية المطروحة عليهم والتحلي بضبط النفس، خصوصا مع الاخذ بالاعتبار مخاطر الاشتباكات الطائفية"، آملاً "ان يعود القادة اللبنانيون فورا الى البرلمان او يستأنفون حوارا وطنيا من اجل حل الخلافات السياسية سلميا".
واشار مكورماك الى ان بعض الاطراف تحاول تحويل الانتباه عن المؤتمر المقبل هذا الاسبوع (باريس ـ 3) حيث مؤكدا "سيظهر المانحون الدوليون دعمهم القوي لشعب لبنان وحكومته".
وكان مساعد وزيرة الخارجية الاميركية نيكولاس بيرنز قال خلال ندوة في دبي امس ان المؤتمر "سيوفر الدعم الاقتصادي والسياسي للبنان"، مؤكدا ان بلاده ستعلن حزمة واسعة من المساعدات للبنان خلال المؤتمر. وقال "سنقدم مساهمة مالية طويلة المدى لمساعدة لبنان في اعادة بناء نفسه واقتصاده.. اللبنانيون عانوا حربا شديدة هذا الصيف.. ان مثل هذا الدعم سيساعد في افشال الجهود لاطاحة الحكومة المنتخبة ديموقراطيا.. من خلال الغوغاء".
الرئيس الفرنسي دعا في مقابلة اجرتها معه امس قنوات "ال بي سي" و"المستقبل" و"فرانس 24"، "من يحيط بلبنان ان يدعه وشأنه ليدير شؤونه بشكل طبيعي كبلد ديموقراطي مستقل وحر". وقال "لندع لبنان كما هو عليه وكما يجب ان يكون"، مطالبا الدول المحيطة وخصوصا سوريا "بألا تتدخل ابدا في شؤون لبنان"، اضاف "لقد علمتني التجربة انه من الصعب ان يثق المرء بالقادة السوريين الحاليين، وهم يمثلون اقلية من السوريين. ولذا فإنني أنتظر أن تكون لي علاقات بسوريا، بعد ان اكون واثقا تماما من انها ستنفذ عددا من الالتزامات"، ملاحظا "ان الاوروبيين الذين حاولوا الحصول على التزامات من سوريا عادوا بخفي حنين، لم يحدث شيء، ولم يحصلوا على شيء".
واعتبر "ان السبيل الوحيد للخروج من ازمة لبنان يكمن في احترام مؤسساته والاتفاقات التي بنيت عليها تلك المؤسسات"، داعيا لبنان الى ان "يستأنف الحوار من جديد وان يتناقش الجميع وان يتم ايجاد التسويات الضرورية وان يعطي صورة جيدة للاسرة الدولية".
واكد شيراك انه "لو كانت ايران تريد ان تقول شيئا عن لبنان، ولمصلحة لبنان، وللهدوء في لبنان، لاستطعنا في هذه الحالة اجراء اتصال من خلال اجهزتنا، مع اعلام شركائنا بطبيعة الحال". وقال ان هناك "ضرورة لحل مشكلة مزارع شبعا".
وفي الإطار ذاته، ابدى وزير الخارجية الالماني فرانك فالتر شتاينماير الذي ترأس بلاده الاتحاد الاوروبي، قلق الحكومة الالمانية والاتحاد من التطورات في لبنان. وقال "ان الاتحاد الاوروبي يطالب الاطراف المتنازعة في هذا البلد بانهاء العنف واتخاذ السبل الكفيلة للحيلولة دون تدهور الوضع السياسي والامني والعودة الى الحوار من اجل التوصل الى صيغ سياسية تنهي الازمة في بلدهم مع ضرورة انتهاج الديموقراطية والتسامح والشفافية في حوارهم والحيلولة دون تدخل خارجي في شؤون بلادهم السياسية من جديد"، مشددا على "ان الازمة الحالية في لبنان يمكن حلها عبر حوار داخلي لبناني فقط، يحترم العملية الديموقراطية والمؤسسات الدستورية في البلاد".
وأكد شتاينماير "حرص الاوروبيين على سلامة الشعب اللبناني وأمل الاوروبيين تحقيق الشعب اللبناني مستقبلا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، وحرص اوروبا والمانيا على استقرار لبنان وحرصهما من خلال المشاركة في مؤتمر باريس والحرص على انجاحه لاعادة بناء لبنان من جديد".
ودعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون جميع الأطراف اللبنانية الى استئناف الحوار من أجل معالجة خلافاتهم السياسية. وقالت الناطقة باسمه بان ميشال مونتاس في بيان ان "الأمين العام يتابع عن كثب التطورات الحالية في لبنان، وهو قلق جدا لان الخلاف السياسي في لبنان تطور الى مواجهات في الشوارع، وأدى الى جرحى وخسائر في الأرواح.. من الضروري ان تعمل كل الأطراف اللبنانية داخل لبنان من خلال العملية الديموقراطية من اجل العودة الى الحوار كوسيلة لمعالجة خلافاتهم السياسية". وأكدت "عشية مغادرته للمشاركة في مؤتمر باريس 3 حول لبنان، يجدد الأمين العام دعم الأمم المتحدة لاستقرار لبنان وسيادته وأمنه واستقلاله".
وفي موسكو قال الناطق باسم وزارة الخارجية الروسية ميخائيل كامينين "إن موسكو مقتنعة بأن حل المشاكل اللبنانية الداخلية المعقدة فعلا لا بد أن يتم عن طريق الحوار الوطني العام مهما كان صعبا"، آملا أن يتحلى "القادة اللبنانيون وممثلو جميع القوى الأثنية والطائفية والسياسية في البلاد سيتحلون بالصبر ورباطة الجأش مسترشدين بمصالح الشعب اللبناني السامية ولن يسمحوا بتوريط لبنان في المجابهة الداخلية واقتتال الإخوة"، ومشددا على "أن البحث عن الأجوبة على الأسئلة الماثلة أمام البلاد لا بد أن يتم بصورة جماعية ضمن الأطر الدستورية".
وأكد كامينين دعم موسكو لمؤتمر "باريس 3". وقال "إن تسييس المؤتمر أكثر من اللازم سيكون توجها غير بناء.. نعتقد أن على المؤتمر أن يؤكد دعم سيادة لبنان واستقلاله وحرمة أراضيه كما أنه مطالب بأن يسهم بقسطه في توحيد اللبنانيين لأنه من دون السلام المدني والوفاق الوطني ستكون كل مساعدة خارجية عديمة الفعالية". وشدد على انه "إذا كانت للبنان علاقات متوترة مع جيرانه فسيتعذر إعادة إعمار البلد".
الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى أشار الى ان احداث اليوم (امس) في بيروت "ستزيد من خطورة الموقف في لبنان"، مطالبا "كل الاطراف السياسية اللبنانية بتحمل مسؤولياتها الوطنية والعمل لمنع الانزلاق نحو المواجهة التي سيكون لها اضرارا بالغة على لبنان"، مجددا مطالبته بضرورة "التهدئة عشية انعقاد المؤتمر العربي الدولي لدعم لبنان (باريس 3) حتى يتوافر لهذا المؤتمر الذي يحتاجه لبنان، النجاح بغض النظر عن الخلافات والمواقف السياسية لهذا الطرف او ذاك".
واعرب وزير الخارجية المصري احمد أبو الغيط في تصريحات صحافية عن قلقه ازاء التطورات الاخيرة "التي تؤشر لمزيد من التصعيد، ولا تترك مجالات للشك في ما سبق التحذير منه خلال الاشهر الماضية، من انه لا يمكن فرض الحلول عنوة، وان السبيل الوحيد للخروج من الازمة التي يمر بها هذا البلد العزيز هو التحاور من اجل التوصل الى توافق وطني حول القضايا مثار الخلاف". وأكد ان "هناك حلا وسطا مطروحا بالفعل على القوى السياسية والمتمثل في المبادرة العربية".