المعارضة تعلّق إضرابها بعد سقوط 5 قتلى و133 جريحاً
وتتوعّد بـ"أشكال أخرى من الاحتجاج"
لبــــنان يجتــــاز الفتنــــة وطــــريـــــق بـــاريـــس3 ســــالكــــة......
واشنطن تَعِد بـ 700 مليون دولار وموفد سعودي في طهران
"انتصرت الحياة على الموت"، بهذه العبارة لخص مصدر وزاري بارز وقائع اليوم الطويل من اضراب المعارضة الذي علق مساء بعد تطورات دراماتيكية جعلت جميع الاطراف يجتازون اختبارا متعدد الوجه: القوى الامنية، ولا سيما منها الجيش، اجتازت اختبار الحفاظ على السلم الاهلي في ظروف بالغة التعقيد. وقوى الموالاة اختبرت ارادتها للصمود في وجه ضغوط المعارضة وتحدت قرار الاخيرة تعطيل الحياة العامة. وقوى المعارضة اختبرت قدرتها على انجاح الاضراب الذي تخللته ممارسات عنفية.
وافادت مصادر حكومية ان ما دفع المعارضة الى وقف الاضراب هو انكشاف التحرك عن واقع مذهبي يتمثل في قدرة "حزب الله" وحده على الاستمرار في الاضراب من دون سائر حلفائه، الى اتصالات اجراها السفير الايراني محمد رضا شيباني ببعض الاطراف في الداخل وتحذير من رئيس "اللقاء الديموقراطي" النائب وليد جنبلاط من ان قوى 14 آذار ستعمد اليوم الى فك الحصار عن بيروت اذا لم تبادر القوى الامنية الى ذلك.
اما على المستوى الاقليمي، فعلمت "النهار" ان رئيس مجلس الامن الوطني السعودي الامير بندر بن سلطان سيزور طهران اليوم لاجراء مشاورات مع المسؤولين الايرانيين تتناول مستجدات الوضع في لبنان.
باريس 3
وفي الوقت عينه، توضحت صورة مؤتمر باريس 3 المقرر افتتاحه غدا في ضوء ما انتهت اليه التطورات الداخلية. وعلم ان قرار مشاركة رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة في المؤتمر شخصيا يعود اليه، علما ان وزيري المال والاقتصاد جهاد ازعور وسامي حداد وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة يشاركون في التحضيرات النهائية للمؤتمر، وكانوا غادروا بيروت اول من امس ووزير الدولة لشؤون مجلس النواب ميشال فرعون الى باريس.
السنيورة
وتلقى الرئيس السنيورة مساء امس اتصالات هاتفية من كل من الرئيس المصري حسني مبارك والرئيس السوداني عمر حسن البشير والامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى وبحث معهم في الاوضاع الراهنة، وشدد هؤلاء على دعم الحكومة ومواقف الرئيس السنيورة وعودة الاستقرار الى لبنان، على ما افادت المصادر الرسمية.
ورأس الرئيس السنيورة مساء اجتماعاً لمجلس الامن المركزي حضره كل القادة الامنيين وتخلله تقويم للاوضاع من مختلف جوانبها. وكان رئيس الحكومة وجه كلمة الى اللبنانيين، قبل صدور قرار المعارضة بانهاء الاضراب، قال فيها: "(...) سنبقى معاً ضد الترهيب، سنقف معاً في وجه الفتنة، سنظل معاً من اجل لبنان". ودعا الى "نقل الخلافات والصراعات من الشارع الى المؤسسات الدستورية الشرعية وفي مقدمها مجلس النواب، ويتطلب ذلك اصدار مرسوم بفتح دورة استثنائية فوراً". واعتبر "ان واجبات الجيش والقوى الامنية لا تسمح بالتساهل او المساومة في امر المصلحة العامة والنظام العام والسلم الاهلي واحترام القانون".
وعلّقت مصادر السنيورة على قرار المعارضة تعليق الاضراب بأن "لا حل الا بالعودةالى الحوار والتفاهم والنقاش من طريق استخدام آليات النظام الديموقراطي، لان كل الحلول والوسائل الاخرى لن تجدي نفعاً".
واستقبل السنيورة مساء في السرايا وفداً من لجنة المتابعة لقوى 14 آذار التي اذاعت بياناً اكدت فيه "تصميمها على رفع الحصار عن بيروت".
قباني
واسترعى الانتباه امس الموقف الذي اتخذه مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني في بيان قال فيه "ان محاولة اسقاط الحكومة من خلال الشارع ومن خلال حصار بيروت ومن طريق العنف والتهديد والقهر لن تمر ولن نتركها تمر اياً كان الثمن، اللهم فاشهد".
المعارضة
وفي الجانب الآخر، أعلنت المعارضة مساء أمس انها "استكملت اليوم (أمس) خطوتها التصعيدية في هذه المرحلة بنجاح كبير (...) وانما ستعتمد اشكالاً أخرى من الاحتجاج أشد تأثيراً مما اعتمدته حتى اليوم وان قواها الحية جميعاً ستبقى على جهوزيتها الكاملة للقيام بأي خطوة ضرورية لاحقة اذا ما ووجهت بالتعنت من الفريق الحاكم".
وعلم ان اتصالات عدة اجريت بين بكركي و"التيار الوطني الحر" تخللها تشديد مشترك على اعتبار الموضوع المسيحي خطاً أحمر. وفهم ان عضو "تكتل الاصلاح والتغيير" ابرهيم كنعان وأحد المطارنة الموارنة توليا الاتصالات اكثر من مرة. وافادت المعلومات ان "التيار" اكد ان تحركه أمس لم يكن يستهدف اي طرف حزبي ولا سيما "القوات اللبنانية"، وانه فوجئ بتحويل الاضراب الى نوع من المواجهة. وقد أبرز جملة وقائع تفصيلية عما تعرض له أنصاره في جبيل وسواها في اطار "خطة مبرمجة لتصوير تحرك التيار كأنه محاولة للفتنة والعودة الى الماضي". وقالت المعلومات ان "التيار أوضح ان سقفه كان اضراب يوم واحد أمس ولن يكون اليوم اضراب ولا قطع طرق، وان التوجه هو الى منع اي خطوة او تحرك لاستدراج البلاد الى فتنة".
واذ استخدم الوزير السابق سليمان فرنجية كلمة "الثغرة" في المناطق التي ينشط فيها "التيار الوطني الحر" في مقابلة اجرتها معه قناة "الجزيرة" الفضائية القطرية، قالت بعض أوساط المعارضة إن تحركها شمل 150 نقطة جرى فيها حرق اطارات وقطع طرق. وأوضحت انها في ضوء ما جرى امس ستعيد النظر في خططها المقبلة بحيث تتقلص النقاط آخذة في الاعتبار ما جرى أمس في المناطق الشرقية.
الميدان
ونقلت وكالة "رويترز" مساء أمس عن مصادر أمنية ان حصيلة الاضراب كانت ثلاثة قتلى و133 جريحاً.
فيما افادت معلومات اخرى ان عدد القتلى هو خمسة، ثلاثة منهم في طرابلس واثنان في البترون وعكار.
وأفاد مراسل "النهار" في طرابلس انه في العاشرة والنصف ليلاً دارت اشتباكات عنيفة بين مسلحين في بعل محسن العالي وآخرين في التبانة استخدمت فيها رشاشات وقذائف صاروخية، مما استدعى تدخلاً حاسماً من الجيش الذي انذر الطرفين بوقف الاشتباكات خلال ساعتين.
وقالت مصادر وزارية ان النهج الذي اعتمده الجيش في التعامل مع الاحداث امس تمثل في اتاحة مجال للتحركات مثل اللجوء الى القوة. لكن تصاعد التوتر والتهديدات باللجوء الى فتح الطرق المقفلة ادى الى قيام قيادة الجيش باتصالات مقرونة باجراءات لاستعادة زمام المبادرة.
المطار
وكانت الحركة توقفت في المطار امس اثر اقفال الطريق المؤدية اليه. وليلاً، اتصلت "النهار" برئيس مجلس ادارة شركة طيران الشرق الاوسط محمد الحوت مستوضحة اياه اجراءات الشركة بالنسبة الى اليوم، فأجاب ان الرحلات ستعاود صباحاً ابتداء من السابعة الا ربعاً برحلة الى روما، تليها بقية الرحلات المقررة.
وعلم ان ورشاً عملت ليلاً لازالة العوائق من طريق المطار التي اصيبت باضرار جسيمة نتيجة احراق الاطارات ووضع العوائق عليها من اتربة ورمول وانقاض سيارات.
الجامعة والمدارس
وأصدرت رئاسة الجامعة اللبنانية بياناً اعلنت فيه تعليق الدروس في كل فروع الجامعة اليوم، على ان تفتح الادارة المركزية ابوابها في المتحف.
كذلك اوصت الامانة العامة للمدارس الكاثوليكية المؤسسات القائمة في المناطق التي شهدت توترات امنية باقفال ابوابها اليوم، وتركت لمديري المدارس القائمة خارج مناطق التوتر قرار فتحها او اقفالها اليوم.
واشنطن
خارجياً، نقل مراسل "النهار" في واشنطن هشام ملحم عن مصادر اميركية ولبنانية مطلعة ان وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس ستعلن غداً في مؤتمر باريس 3 ان حكومتها ستطلب من الكونغرس الموافقة على خطة متكاملة من المساعدات للبنان تصل الى 700 مليون دولار دعماً للاصلاح الاقتصادي والتنمية واعادة بناء البنى التحتية والقوات العسكرية.
الى ذلك، اتهم مسؤولون اميركيون قوى المعارضة وتحديداً قيادة "حزب الله" و"التيار الوطني الحر" بـ"محاولة تدمير الفرصة التاريخية التي يمثلها مؤتمر باريس 3".
شيراك
وفي باريس، صرح الرئيس جاك شيراك بأن الموقف الحالي في لبنان "خطير جداً (...) ومن الناحية الفعلية الحكومة اللبنانية لم يعد لديها المزيد من الاموال". وحذّر من ان "كل مبادرات الاحتجاج تعطي صورة سيئة عن لبنان وتثني المجتمع الدولي عن مساعدته".
وورد كلام شيراك في حوار تلفزيوني بث أمس من محطات الـ"ال بي سي" و"المستقبل" اللبنانيتان و"24 ساعة" الفرنسية.
أبو الغيط
وفي القاهرة، أدلى وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط بتصريح دعا فيه الاطراف اللبنانيين الى الحوار لانه "السبيل الوحيد للخروج من الأزمة". كما دعا "الى تجنب المزيد من التدهور على الساحتين اللبنانية والاقليمية".
بان كي – مون
وفي نيويورك دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي – مون جميع الاطراف اللبنانيين الى معاودة الحوار من أجل معالجة خلافاتهم السياسية.
وقالت الناطقة باسمه ميشيل مونتاس في بيان ان "الأمين العام يتابع عن كثب التطورات الحالية في لبنان، وهو قلق جداً لان الخلاف السياسي في لبنان تطور الى مواجهات في الشوارع وأدى الى جرحى وخسائر في الأرواح". وأضافت: "من الضروري ان يعمل الاطراف اللبنانيين كافة داخل لبنان من خلال العملية الديموقراطية، من اجل العودة الى الحوار وسيلة لمعالجة خلافاتهم السياسية".