سهّلته رسالة المفتي واستياء صفير وتململ سليمان وتهديد جنبلاط ... وقف التصعيد حسمه اتصال ايراني
بيروت – وليد شقير الحياة - 25/01/07//
قالت مصادر قيادية في المعارضة اللبنانية لـ «الحياة» انه لم يكن في حسابات «حزب الله» وأطراف المعارضة إنهاء الإضراب العام ووقف الخطوات الاحتجاجية ليل الثلثاء الماضي بعدما كانوا قرروا مواصلة تحركهم التصعيدي امس الأربعاء واليوم الخميس بالتزامن مع عقد مؤتمر «باريس –3»، خصوصاً ان زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون كان أعلن ان اليوم التالي للاضراب سيكون «أشد قوة» وأن الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله كان تحدى الأكثرية والحكومة بالقول: «سنرى غداً وبعده وبعده...» في سياق حديثه عن فاعليات الدعوة الى الاضراب.
وأوضحت مصادر مراقبة ان تلفزيون «المنار» كان تحدث ليل الثلثاء، قبل صدور بيان المعارضة بوقف الخطوات الاحتجاجية، عن محاصرة بيروت، فضلاً عن ان التقارير الإعلامية كافة كانت أشارت الى رفع المزيد من السواتر الترابية عصر الثلثاء عند مداخل العاصمة، إضافة الى تلك التي رفعت عند الفجر والصباح لإقفال الطرقات بما كان يشير الى نية استمرار إقفال الطرقات امس الأربعاء بقرار من الحزب والمعارضة.
وقالت مصادر اخرى واكبت الاتصالات التي أُجريت قبل اجتماع لجنة المتابعة لقوى المعارضة وأثناءه ان عوامل عدة دفعت المعارضة الى العدول عن قرارها مواصلة تحركها بعضها اساسي والبعض الآخر مكمل للعوامل الأساسية.
وتفيد معلومات هذه المصادر ان المملكة العربية السعودية التي كانت تبذل جهوداً مع فريقي المعارضة ممثلاً خصوصاً بـ «حزب الله»، ومع الأكثرية ورئيس الحكومة فؤاد السنيورة من اجل التوصل الى مخرج من الأزمة فوجئت بعنف التحرك الذي قامت به المعارضة والذي تجاوز الدعوة الى الاضراب، بقطع الطرقات وصولاً الى حصول مواجهات أخذت طابعاً مذهبياً، وحصار بيروت في شكل يهدد الوضع الأمني برمته. وقالت المصادر ان الرياض قامت بجهد كبير في اتصالاتها مع المسؤولين الإيرانيين ذكرت خلالها بأنها كانت تقوم معهم بجهد من اجل معالجة الأزمة من منطلق ان هناك توافقاً على الحؤول دون تفاقم المشاكل السنية – الشيعية في وقت يهدد الوضع على هذا الصعيد بمخاطر كثيرة.
وأوضحت مصادر مطلعة ان الرياض مارست ضغطاً كبيراً في اتصالاتها، ادى بين ما ادى إليه بعد الظهر الى اتصالات إيرانية بقيادة «حزب الله» مساء لوقف التحرك التصعيدي، بما لها من نفوذ وتأثير في الحزب.
أما العوامل الأخرى المساعدة بحسب المصادر المراقبة فهي كالآتي:
- رسالة مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني التي حذّر فيها مما تتعرض له بيروت بعد انتشار مناصري «حزب الله» وحركة «أمل» فيها، وتجديد رفضه إسقاط الحكومة في الشارع مهما كان الثمن، وما قاله قباني جاء انعكاساً لتوترات وصدامات حصلت في مناطق عدة أخذت طابعاً مذهبياً، وغلب عليها طابع «هجوم» انصار الحزب والحركة على احياء لها ولاءات سياسية واضحة فضلاً عن ممارسة بعض الاستفزازات ضد صور وشعارات تتناول الرئيس الشهيد رفيق الحريري وغيرها.
- تراجع قدرة القوى المسيحية المعارضة ولا سيما مناصري العماد عون والوزير السابق سليمان فرنجية عن البقاء في الشارع. اما نتيجة عدم القدرة على إدامة الحشد في مناطق قطع الطرقات، أو نتيجة الصدامات التي حصلت مع قوى مسيحية اخرى من الأكثرية مثل «القوات اللبنانية» والكتائب والتي أثارت نقمة مسيحية مدنية.
وفي وقت اضطر انصار عون الى إخلاء موقع الحازمية حيث تولوا قطع الطريق، لمحازبي «حزب الله» كي يتولوا المهمة عصراً، فرفعوا السواتر الترابية هناك، على مرأى من مواطني تلك المنطقة المسيحية تحدثت المصادر عن قيام عناصر الحزب بتقديم الدعم لمناصري عون في مناطق مسيحية اخرى، ما كان له اثر سلبي في الصعيد الشعبي. وفاقم الاستياء الشعبي المسيحي مما حصل وقطع الطرقات والصدامات، استياء البطريرك الماروني نصر الله صفير من المشاهد والأخبار التي بلغته وتردد انه أبلغ استياءه بطرق مختلفة القيادات المشاركة في قطع الطرق، كما ان فرنجية كان واضحاً في رغبته في تجنب الصدام خصوصاً ان بعض من اتصل به وجد في تقويمه للوضع ان العماد عون لم يتمكن من حشد ما يكفي من المناصرين، وانه يريد تجنب الصدام مع «القوات». وأدى هذا بالقطبين المسيحيين المعارضين الى تغليب اتجاه وقف التحرك خلال اجتماع قادة المعارضة. كما ان القوى المسيحية الأخرى في المعارضة لم تتمكن من تنفيذ تعهداتها في التحرك أو امتنعت عن ذلك. وفشل رئيس الكتلة الشعبية في زحلة النائب الياس سكاف في دفع مدينته ومحيطها الى الاضراب، فيما امتنع حزب الطاشناق الأرمني في المتن عن الاندفاع وراء الخطوات الاحتجاجية ولم يشارك انصار النائب ميشال المر فيها تفادياً لآثارها السلبية في الصعيد الأهلي.
- اضطرار قائد الجيش العماد ميشال سليمان الى الاتصال برئيس المجلس النيابي نبيه بري لإبلاغه بإنذار من شقين من رئيس «اللقاء النيابي الديموقراطي» وليد جنبلاط عصر الثلثاء بأنه اذا لم يفك الجيش الحصار عن بيروت فإنه سيعقد مؤتمراً صحافياً صباح اليوم التالي يبلغ فيه اهالي الجبل انه محاصر في العاصمة ويدعوهم الى التحرك لفك الحصار وأنه إذا لم تفتح طريق بيروت – الجبل سواء من الساحل الجنوبي أم من الحازمية ليل الثلثاء فإنه سيطلب من انصاره فتحها بالقوة. وإذ بدأ جنبلاط التحضير لإجراءات ميدانية، في العاصمة وفي الجبل بناء لمكالمته مع العماد سليمان، أبلغ الأخير بري ان الجيش لا يستطيع تحمل هذا القدر من الإنهاك وأن على القيادة السياسية في المعارضة ان تتصرف وفقاً لذلك. وسعى بري الى إقناع «حزب الله» بأن يقتصر تحرك المعارضة ليوم الأربعاء على تخفيف الحصار على بيروت حيث اتفق على فتح بعض الطرق، لكن من دون طريق المطار وطريق المرفأ، لكن الاتصال الإيراني بالحزب عاد فحسم الأمر.
- ان القوى الأخرى في المعارضة بين السنّة والدروز لم تستطع بدورها تنفيذ ما التزمت به وقطع طرقات في البقاع وطرابلس (انصار النائب عبدالرحيم مراد والرئيس السابق عمر كرامي) وفي الجبل وخلدة (انصار النائب السابق طلال أرسلان) الذي اضطر «حزب الله» لإرسال أنصاره الى خلدة لمساعدته على إبقاء الطريق مقطوعة بعد ان سعى انصار جنبلاط الى فتحها ونجحوا في ذلك ظهراً...
وتشير المصادر المطلعة على اجتماع قادة المعارضة الى ان بعض المشاركين فيه سعوا الى تحديد مهلة لتجديد التحرك بعد إعلان وقفه، إلا انه لم يؤخذ بهذا التوجه.
وأضافت ان هذه العوامل مجتمعة تشير الى انه لو استمر التحرك كان سيقتصر على الفريقين الشيعيين المتحالفين أي الحزب و «أمل» وبالتالي كان سيتم من دون أي غطاء من قوى في طوائف أخرى وكان سيجعل التحرك مذهبياً صرفاً خصوصاً لجهة حصار بيروت، في وقت تسعى طهران الى تجنب وضع كهذا.
وتقول المصادر ان التحرك في يومه الأول تسبب برد فعل شعبي سلبي في الشارع البيروتي، وبمشاعر نقمة كبيرة ظهرت بوضوح من خلال الصدامات، وكان سيؤدي الى مضاعفة هذه المشاعر لو استمر يوم امس خصوصاً ان بعض ما حصل لامس بعض مشاهد الحرب الأهلية