من هو نـــاصر قنديل
احتلّ النائب السابق ناصر قنديل موقع محامي الدفاع عن نظام الوصاية السورية في لبنان، وكان بوقا اعلاميا للاجهزة الامنية محتميا بعناوين سياسية كبيرة ومنها حماية الامن القومي بوجه الصهيونية.
بدأ حياته في حزب العمل العربي الاشتراكي قبل ان ينشق عنه في مجموعة تبين في ما بعد انها تابعة للمخابرات السورية بقيادة المدعو ابو شهاب. وقد نجح قنديل في الاستيلاء على قيادة المجموعة التي كان ظافر الخطيب يعدها داخل حزب العمل ولتأسيس ما اصبح لاحقا رابطة الشغيلة، وذلك بعد اغتيال الخطيب في منطقة الشياح، مطلع الحرب الاهلية اللبنانية، في ظروف لا تزال غامضة ومشبوهة.كان شريكا ومؤسسا في مطلع التسعينيات لتلفزيون المشرق الذي لم تمنحه الدولة ترخيصا فأقفل.
ساعدت المخابرات السورية قنديل للدخول الى شتى المواقع من المجلس الوطني للاعلام، الى النيابة عن مقعد بيروت الشيعي، بناء على تدخل سوري مباشر، الامر الذي ادى الى اصابة مرشح “امل” حسين يتيم بذبحة صدرية، وإلى قيام المرشح الشيعي الآخر محمد يوسف بيضون وكان آنذاك وزيرا للتربية، بطلب التحقيق في الشهادات المزورة التي يستخدمها قنديل. ويومها ذكر ان بيضون تلقى تهديدات مباشرة من رستم غزالي.
وللنائب قنديل صولات وجولات في الدفاع عن المخابرات السورية وحكمها في لبنان، اذ قيل انه من اكثر المستفيدين من هذا الحكم.
، ووزع في سيرته الذاتية معلومات تقول انه حائز على اجازة في القانون من ارمينيا ودكتوراه في علوم الاستشراق من موسكو، وعضو شرف في جمعية علماء الاجتماع العالمية ـ كوريا الديموقراطية، ، وكان احد مؤسسي تلفزيون “المشرق”، ورئيسه.
قبل اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، تميزت تصريحات قنديل بالحدة وتصاعدت ضد اركان المعارضة بعيد التمديد .
بأنه نسخة من قانون محاسبة سوريا، معتبراان هذا القرار هدفه توطين الفلسطينيين. ودافع عن الرئيسين بشار أسد واميل لحود بحجة خياراتهما العربية، وخوّن رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط بقوله: ثمة من يكون مع القومية العربية عندما تكون الصواريخ السورية والدبابات في خدمة تحرير الامارة من القوات ومن الذين جاؤوا من خارجها ثم يحمِّل سوريا بدلا من اعباء وليس لتحرير الامارة من المسيحيين كلهم وجرف البيوت على اصحابها ثم يقال اننا لم نستطع ان نمنع ردات الفعل.
وتوجه الى المعارضة قائلا: ” اما وقد ارتضيتم ان يكون في دستور لبنان اشارة الى علاقة مميزة بسوريا فهذا يميز بلدنا عن كل بلدان العالم، ولذلك سنبقى نتميز بألا تكون بيننا سفارات وإن لم يعجبكم فاشربوا البحر”.
تشرين الاول على احدى الشخصيات المعارضة بالقول: “لقد اخطأ احدهم قبل ايام وقال انه مختلف مع الضابط الامني المسؤول وليس مع الرئيس الاسد، فجاءه الجواب ان القرار هو قرار سوريا. وقال الاسد ان ليس في سوريا من يشتغل خارج اطار قرار القيادة، وان القرار الذي ترجمه العميد الركن رستم غزالي في متابعة تنفيذ توجهات الرئيس بشار أسد هو الترجمة الحرفية الدقيقة لما اراده أسد”.
وفي تشرين الثاني، صعّد قنديل من حدة تصريحاته واتهم المعارضين بتنفيذ تعليمات السفير الاميركي السابق في لبنان ديفيد ساترفيلد، وقال: “ان بعض المعارضة بدأ يروج لافكار اميركية واسرائيلية في لبنان وهم بذلك يتجاوزون الخطوط الحمر”.
تشرين الثاني واستمرت لغة المعارضين المشبوهة يكونون بذلك قد فتحوا عيونهم على ابواب جهنم”.
وشن قنديل هجوما على المعارضة بحزبيها اللذين احتفلا بالاستقلال: حزب “المتحف” وحزب “الاسكوا”، خلال احتفال اقامته جمعية المشاريع” في ذكرى الاستقلال، معتبرا “ان حزب المتحف هو نفسه من حزب الدبابة الاسرائيلية، وحزب الاسكوا هو “.
وواصل قنديل تصريحاته النارية ضدّ معارضة “البريستول”، داعيا “الذين يتحدثون عن وقف التدخلات الامنية السورية الى الاعتراف بأن مشكلتهم ليست مع الوجود العسكري او الامني بل مع اغلبية لبنانية تعتبر الاسد زعيما للامة وترى فيه عبدالناصر الستينات”.
وروّج قنديل لرغبات سورية من نوع ان فرنسا نتيجة موقفها المؤيد للمعارضة قد تدفع ثمن تسوية سورية ـ اميركية، وهو امر غير وارد عمليا نتيجة التطورات العالمية.وأعرب قنديل بعد زيارة العميد رستم غزالي للرئيس الحريري في قريطم في شهر كانون الثاني من بداية هذا العام، عن اعتقاده ان “العلاقة بين الرئيس الحريري وسوريا كانت دائما تتسم بخصوصية ما يحتفظ بها الرئيس الحريري في مقاربته لكثير من الملفات الداخلية بصورة لا تتفق بالضرورة مع نظرة سوريا لها خصوصا في مرحلة رئاسة العماد اميل لحود”. وطالب قنديل بقانون انتخاب يعتمد المحافظة والنسبية، متهما “قرنة شهوان” و”اللقاء الديموقراطي” بأنهما عقائديا ضد .
وتابع هجومه على شخصيات المعارضة، متهما الوزيرة نايلة معوض بالركض في مكاتب المخابرات لعدم توقيف ابنها ميشال لدوره في محاولة انقلابية جرت في غينيا، وهي اتهامات ردت عليها معوض وابنها ميشال، كما اتهم النائب نعمة الله ابي نصر بأنه كان وراء نصف لائحة المجنسين الملغاة.وانتقد قنديل “التباكي على الدائرة الثانية في بيروت”، معتبرا ان ذلك “لا ينطلق من اعتبرات وطنية ولا من صحة التمثيل وإنما من محاولة استئثار”.
أعد قنديل في الكواليس للقاء “عين التينة” وقاطعه لاحقا بحجة انه ساوم مع المعارضة، معتبرا ان المعارضة ارتكبت خطيئة وليس خطأ. وحذر من فوز المعارضة في الانتخابات النيابية “لان ذلك سيشعل حربا حقيقة ويؤدي الى مذبحة اهلية”.
وصعّد قنديل من تصريحاته في شهر شباط ضد المعارضة فاتهمها بـ”الخداع السياسي والتمسكن حتى التمكن”، معتبرا انها “تلبس ثوب الحمل عندما تقول انها لا تملك القدرة على تهديد السلم الاهلي”. وتراجع قنديل عن موقفه تجاه قانون الانتخاب بعدما تبين له ان الرئيس بري غير متمسك به، مغازلا المعارضة في تصريح له قبل يومين من اغتيال الرئيس الحريري بقوله انه “مع المشيئة الوطنية اذا رأت ضرورة اعتماد القضاء لمرة واحدة”.
بعد زلزال الاغتيال وجه قنديل الاتهام الى اسرائيل ودعا الى عدم اعطائها شهادة براءة.
كما تراجع قنديل عن اطلاق سهامه ضد المعارضة مع بدء التحضيرات للانتخابات النيابية والحديث عن تشكيل اللوائح، لكن هذا الامر لم يستمر طويلا، اذ عاد وصعّد من لهجته بعد قرار سوري باحتواء المشهد الذي كان يجري عند ضريح الرئيس الشهيد، حيث تجمع اللبنانيون من مختلف طوائفهم ومذاهبهم موحدين، مطالبين بالحقيقة لاجل لبنان،
اذ قامت ما يسمى مؤسسات المجتمع المدني في بيروت” بتنظيم لقاء تحت عنوان رفض التدخل الاميركي ـ الفرنسي، وألقى قنديل كلمة اعلن فيها بوقاحة “سنكنس الحثالات من الضريح ونعيد الاعتبار الى مقامه”.
ودعا قنديل في آذار الى تسريع الانتخابات، لكنه عاد في نيسان الى اعلان تأييده تأجيلها بعد عودة العماد ميشال عون “الذي اصبح خلافه مع سوريا وراءه”.
وقدم قنديل في حديث اذاعي له في نيسان اعتذارا من قائد “القوات اللبنانية” سمير جعجع والعماد عون، معتبرا انهما “كانا ضحية وجبة مسمومة أعدها من يسمون انفسهم حلفاء سوريا”.وحمّل قنديل النائب جنبلاط مسؤولية الحؤول دون وصوله الى المجلس النيابي بعد “الفيتو” الذي وضعه نيابة عن “اصحاب القرار الدولي بمنع سوريا من ذلك واضطرار حركة “امل” والمقاومة اللبنانية الى المشاركة في تحالفات الضرورة مع “تيار المستقبل”"، معلنا انه “سيأتي اليوم الذي يندم فيه الذين خرجوا على سوريا”.
ما هو مصير ناصر قنديل؟ وهل هو متهم بالتحريض ام ضالع في الجريمة؟، هل دعوته للمثول امام لجنة التحقيق الدولية رسالة الى سوريا، ام إشارة الى ان التحقيقات ستطال رجال “سياسة” آخرين؟، اسئلة تكشفها الايام القليلة المقبلة، لينام اللبنانيون في راحة بعد قلق مؤلم لن تزول كوابيسه بسهولة من اذهانهم لأنهم لن يصدقوا ان الرئيس رفيق الحريري غادرهم ولن يعود.