التأثير النفسي للبطالة يؤدي إلى الوفاة في سن مبكرة ......

كشف معهد الطب النفسي بجامعة مدينة لايبتسيج الألمانية في دراسة أجراها مؤخرا، أن العاطلين عن العمل هم أكثر الناس وفاة في سن مبكرة. وأوضحت الدراسة أن العاطلين عن العمل يصابون بتوتر نفسي حاد جراء معاناتهم من الإخفاق في الحصول على وظيفة. واكد رئيس المعهد ايلمار بريهلر أن فريقه توصل إلى هذه النتيجة من خلال دراسات متعددة أجراها حول أسباب الوفاة المبكرة لبعض العاطلين عن العمل. واضاف أنه ثبت خلال الدراسة أن الأمراض التي كانوا يعانون منها غير خطيرة، إلا أن الغضب وخيبة الأمل يجعلانهم يصابون باليأس وعدم الاكتراث بالمرض الذي يعانون منه، الأمر الذي جعلهم عرضة للموت البطيء. وشدد على ضرورة أن تساعد الدوائر الاجتماعية، وغيرها من الجهات المعنية بالعاطلين عن العمل، على تحسين الحالة النفسية للأفراد، وذلك من خلال إرسالهم باستمرار إلى مؤسسات تبحث عن عمال، وذلك لتنشيط همتهم والحيلولة دون وقوعهم في دائرة اليأس.

وكانت دراسة نيوزيلاندية قد خلصت إلى أن البطالة تزيد من مخاطر نزوع الشخص للانتحار بنسبة تزيد على ثلاث مرات. ويقول الباحثون: إن العلاقة بين البطالة والانتحار قائمة حتى مع أخذ عوامل أخرى في الاعتبار مثل دخل الأسرة والتعليم والحالة الاجتماعية. ويقول الخبراء إن هذه النتائج تدعم أهمية أن ينشغل العاطلون بالتحدث مع الآخرين حول مشاكلهم. وقام باحثون من نيوزيلاندا بفحص معلومات تم جمعها من مجموعة مكونة من أكثر من مليوني شخص من الذين شملتهم الدراسة منذ عام ،1991 ثم قاموا بمقارنة معدلات الانتحار بين أعضاء المجموعة خلال الأعوام الثلاثة التالية. وأوضحت نتائج الدراسة أن الرجال والنساء في الفترة العمرية من 25 إلى 44 عاما والرجال في سن 45 إلى سن 64 من العاطلين سجلوا معدل انتحار يساوي الضعف أو بمعدل ثلاث مرات مقارنة بذويهم من العاملين.

وقال باحثون من مدرسة ويلنجنتون للطب إن نسبة الانتحار المرتبطة بالبطالة سجلت 6 في المائة فقط بينما تتسبب الأمراض العقلية في حوالي نصف حالات الانتحار. لكنهم يقولون إنه لاتزال هناك علاقة مباشرة مهمة بين الانتحار والبطالة وعلينا ألا نتجاهلها. ونقلت جريدة “علم الأوبئة والمجتمع الصحية” (جورنال اوف ابيديميولوجي آند كوميونتي هيلث) عن الدكتور توني بلاكلي الذي يقود فريق العمل قوله “هناك تفسير اجتماعي يقول إن معدل البطالة في مجتمع ما يعد علامة على ضعف التماسك الاجتماعي والذي يرتبط بدوره بالانتحار”.

وأشارت متحدثة باسم منظمة ساماريتانز (وهي منظمة بريطانية تعنى بشؤون من يقدمون على الانتحار) ل”بي بي سي نيوز اونلاين” إلى أن هناك اتفاقاً على وجود علاقة بين البطالة والانتحار، حيث قالت “هذه الدراسة توضح أن الانتحار لا يتعلق فقط بالأمراض العقلية، حيث إن المجتمع قد تغير فمصادر الدعم العاطفي قد انخفضت مثل العائلة الممتدة والجيران”. “فالعزلة وعدم الانخراط في مجتمع العمل عموما يمكن أن يزيدا من مشاعر الضعف”. وقالت المتحدثة إن العاطلين يجب أن يشغلوا أنفسهم. ومضت قائلة “ننصح بأن يكون لكل شخص هدفاً في الحياة كما ننصح بالاتصال بالآخرين وهو ما يجعل الانسان يتمكن من الحفاظ على احترام الذات” . أضافت “البطالة تجعل من الصعب للغاية تعيين هدف في الحياة خاصة إذا ما كان العاطل كبيراً في السن حيث تنخفض فرصته حينئذ في العثور على عمل”. لكنها أوضحت أن الشيء الأكثر أهمية هو عدم إخفاء المشاعر، حيث قالت “نحث الأشخاص على عدم كتمان مشاعرهم”.