عقوبة الضمير
هاني حمود
المستقبل - الخميس 31 أيار 2007 - العدد 2629 - الصفحة الأولى - صفحة 1
إنها المحكمة يا دولة الرئيس رفيق الحريري.
أقرّها بالأمس مجلس الأمن الدولي. أقرّتها دول العالم، لأن المجلس النيابي، الذي كنت وباسل وجبران وبيار على مقاعده، بقي مقفلاً. لم يتنبّه حامل مفتاحه أن الأموات لا يستطيعون السؤال عن الحقيقة ولا المطالبة بالعدالة، فبقي الثلاثاء تلو الثلاثاء مريّحاً نفسه من سؤال الأحياء ومن مطالبهم.
أقرّها مجلس الأمن الدولي، باسم اللبنانيين الذين طالبوا بها. باسم العرب الذين تبنوها. وإن كانت دولة الصدفة التي مثلتهم بصدفة المداورة في مجلس الأمن أمس، خطفت اسم العرب، وكلمتهم، لتصوت ضد المحكمة، باسم حياد مزعوم بين وجهات نظر. وكأن العدالة باتت حيادا بين الجلاد والضحية، وكأن الحياد نفسه بات منتصف الطريق بين الحق والباطل.
إنها المحكمة. ليست النهاية. بل بداية الطريق لمعرفة الحقيقة التي اعتقد القتلة أن بإمكانهم إغراقها بالكذب، أو ابتزاز إخوة لنا في الوطن، لكي يمسكوا بنصفها الخاطئ لينقضّوا به على نصفهم المظلوم.
إنها المحكمة يا دولة الرئيس، التي خسرنا في الطريق إلى بابها أفضل الرجال. خسرنا على عتباتها مقاومتنا التي تحولت من قتال عدوك، عدونا الصهيوني، إلى إعاقة الحقيقة وعرقلة الحق، فغيرت خطها، فاستحال أزرقه أحمر، ومن يدري ما يخبأ لنا من ألوان.
لكنها ستبقى المحكمة، يا دولة الرئيس. وسيبقى هدفها إفهام القاتل أنه لن يفلت من الحساب، وأنه لن يتمكن من أن يلغي البلد الذي أنجب رفيق الحريري أو يخضع الشعب الذي فقده.
أما وقد وصلنا باب المحكمة، فإني أخالك تقترح عليها إنزال أشد العقاب بمن قتلك في محاولته اليائسة لقتل لبنان: أن تخضعه لعملية جراحية تزرع فيه الضمير.