وللملف وجه مأساوي اخر يتعلق بمخيّم عين الحلوة الفلسطيني قرب صيدا... فقد ادخلت المخابرات اللبنانية-السورية (وبقيادة ضباط المخابرات من شيعة حركة امل في الجنوب) عشرات المسلحين من الذين جرى احضارهم من الضنية والشمال بحجة حمايتهم عبر تهريبهم واختبائهم في المخيم وقد تحولوا الى ادوات في يد المخابرات و صاروا يعملون تحت اسماء اسلامية ويفتعلون الاشتباكات ويلقون المتفجرات... وقد كشفت حركة فتح اسماء هؤلاء واسماء الضباط الذين يوجهونهم وهي وجهت تهديدا باجتثاثهم بالقوة ان لم يقلعوا عن اعمال التخريب... مما ادى يومها الى اصدار عضوم لقرار اتهام يحكم على العميد سلطان ابو العينين مسؤول فتح في لبنان بالاعدام لجرائم ملفقة.. وبالفعل نجحت فتح في ضبط المخيم وايقاف الفتنة لفترة... اما اليوم فيقوم السادة عضوم-السيد-عازار ومعهم المخابرات السورية بمفاوضة سلطان ابو العينين على العفو عنه وتسليحه وتمويله (وهو المحكوم بجرائم لدى محاكم عضوم نفسه) مقابل افتعال بلبلة امنية تبرر الادعاء السوري بان انسحاب القوات البعثية سيؤدي الى فلتان امني كبير خصوصا وان المخيمات مسلحة والسوريون وعملاؤهم ما انفكوا يطرحون السؤال: من يجّرد المخيمات وحزب الله من السلاح في حال انسحبنا؟؟؟..وقد ذهب ابو العينين ثم المدعومنير المقدح (قائد ميليشيا فتح في عين الحلوة ورجل حزب الله في المخيم) الى دمشق مؤخرا رغم انهما مطلوبان ومحاصران..!! وحسب معلوماتنا فان السلطة الوطنية الفلسطينية (ومحمود عباس شخصيا) على علم بهذه المقايضة ويرفضانها وقد ابلغا المعنيين بذلك ورفعا الغطاء عن ابو العينين والمقدح في تصريحات وبيانات رسمية تم تقديمها للاوروبيين ..لا بل ان السلطة الوطنية ارسلت مؤخرا وفدا خاصا الى لبنان لابلاغ لحود والسوريين وقادة فتح بموقفها الواضح في رفض التحول الى اداة في لعبة المخابرات السورية-اللبنانية... ذلك ان الفلسطينيين يعرفون اكثر من غيرهم اسرار الالاعيب السورية وهم الذين دفعوا الثمن باهظا وما زالوا يدفعون منذ اضطرهم الضغط السوري للوقوف ضد الرئيس السادات العام 1977....
اما السيّد ناصر قنديل فهو احتل وما يزال (الى جانب اّل المر وعضوم ) رأس لائحة المكروهين لدى الشعب اللبناني بكل فئاته وطوائفه..بدأ حياته في حزب العمل العربي الاشتراكي التابع للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين قبل ان ينشق مع ما عرف يومها باسم الجبهة الثورية (ورديفها حزب العمل الثوري) التي سرعان ما انكشف انها تابعة للمخابرات السورية بقيادة المدعو ابو شهاب.. وقد نجح قنديل في الاستيلاء على قيادة المجموعة التي كان ظافر الخطيب يعدها داخل حزب العمل الثوري للابتعاد عن الجبهة الثورية التي اكتشف انها مخابراتية ولتأسيس ما اصبح لاحقا رابطة الشغيلة. وذلك بعد اغتيال ظافر الخطيب في ظروف ما تزال غامضة ومشبوهة في منطقة الشياح مطلع الحرب الاهلية اللبنانية 1975..... من هنا فان العلاقة بالمخابرات السورية بدأت مع الجبهة الثورية العام 1972 وليس بالامس القريب كما يتوهم البعض... وكان عرّاب هذه العلاقة قائد اّخر للجبهة الثورية هو المدعو ابو علي اربد (زوج شقيقة قنديل لاحقا) الذي حصل على الجنسية اللبنانية وتحوّل ثريا من رجال الاعمال هو وقنديل .. وقد انضم اليهما النائب زاهر الخطيب (شقيق ظافر وهو يرتبط مباشرة بمخابرات الجيش) وغالب قنديل (شقيق ناصر)، واخرون... وهم اسسوا في مطلع التسعينات تلفزيون المشرق الذي لم تمنحه الدولة ترخيصا فاقفل. كما انهم يملكون شركات ووكالات وحسابات بملايين الدولارات (ناهيك عن شقق ناصر قنديل ومنها بناية في منطقة عاليه كان يستعملها لتسهيل الدعارة لضباط المخابرات السورية وهي سبب توثيق علاقته برستم غزاله تحديدا). وقد ساعدتهم المخابرات السورية للدخول الى شتى المواقع: من المجلس الوطني للاعلام، الى النيابة عن مقعد بيروت الشيعي... وليس سرا ان ناصر قنديل حّل على لائحة بري – الحريري بناء على تدخل سوري مباشر الامر الذي ادى الى اصابة مرشح امل الشيعي حسين اليتيم بذبحة صدرية، والى قيام المرشح الشيعي الاخر، محمد يوسف بيضون، وكان يومها وزيرا للتربية، بطلب التحقيق في الشهادات المزورة التي يستخدمها قنديل.. ( نشر موقع التيار الوطني الحر الوثائق الرسمية لفضيحة الشهادات المزورة). يومها تدّخل الرئيس الحص (وكان رئيسا للحكومة) شخصيا طالبا من بيضون نسيان الملف... وهذا ما حصل بعد ان تلقى بيضون ايضا تهديدات مباشرة من رستم غزالة.. الامر الذي جعله يترك الحص كسير الفؤاد بعد اكتشافه انه هو الاخر ليس اكثر من العوبة في ايدي غزالة-لحود والاجهزة، وانه يستخدم لمحاربة الحريري... وللنائب قنديل صولات وجولات في الدفاع عن المخابرات السورية وحكمها في لبنان اذ انه من اكثر المستفيدين ماليا من هذا الحكم ... حتى انه اشتهر كمحام فصيح (دون بلاغة على حد وصف تقرير لايلاف) الى جانب عماد فوزي الشعيبي وبثينة شعبان ومحطة الجزيرة.
ختاما فانه لا بد من ان تعمل جهات قانونية دولية وعربية ولبنانية على اعادة فتح ملفات التحقيق ليس فقط في جريمة اغتيال الرئيس الحريري ومحاولة اغتيال الوزير مروان حمادة بل وايضا في كل الجرائم التي نفذّتها عصابة الارهاب البعثية منذ اغتيال كمال جنبلاط حتى اليوم وهي تشمل الرؤساء بشير الجميل ورينيه معوض ورشيد كرامي والنائب ناظم القادري والوزير ايلي حبيقة والمشايخ حسن خالد وصبحي الصالح واحمد عساف والصحفيين سليم اللوزي ورياض طه والسادة محمد شقير وموسى شعيب ورمزي عيراني ... هذا بالاضافة الى العشرات الذين لقوا حتفهم في سجون الرعب والارهاب البعثي..ولا بد من فتح ملفات السجون السورية وابرزها ملف الثلاثة اّلاف 3000 مفقود فلسطيني (راجع مقالات احمد ابو مطر على موقع ايلاف) والعشرات والمئات من الذين قتلوا تحت التعذيب في سجون البعث وابرزهم مانديلا فلسطين والعالم باسره الشهيد الفلسطيني عبد المجيد الزغموت احد مؤسسي حركة فتح والذي ظل في السجن البعثي من عام 1966 وحتى وفاته العام 2000 (اي 34 سنة خرج منها الى القبر!!)..وذلك فقط لانه رفض الامتثال لاوامر البعث وظل "وفيا" لحركته ولقائدها... ولا بد هنا من تذكير الرئيس الاسد الذي تحدث عن الغدر ونكران الجميل في خطابه الاخير، كم كان حزبه وفيا لرفاقه من صلاح جديد ونور الدين الاتاسي (قضيا نحبهما بعد ان امضيا اكثر من 30 سنة في السجن) الى اللواء محمد عمران والمهندس خالد اليشرطي (اغتالهما حزبهما في لبنان عام 1970) الى العشرات من البعثيين الذين اغتالتهم يد الوفاء البعثي او حطّمت حياتهم في السجون... الى اّلاف الفلسطينيين واللبنانيين والسوريين الذين قضوا جرّاء هذه النخوة والشهامة العربية الاصيلة (دون ان نذكر طبعا حماه وحلب وسجن تدمر ودير الزور والقامشلي)... الا يستحي الاسد حين يوجه هذا الكلام الى شعب لبنان وتسمعه الامة العربية والعالم باسره؟؟
ولا بد ان يفتح ايضا ملف الدور البعثي الخطير في اندلاع وفي استمرار الحرب الاهلية اللبنانية (ثم في التلويح باستعادتها في حال انسحبت المخابرات) وذلك دحضا لتلك الاكذوبة التاريخية التي تقول ان الاحتلال السوري كان بدعوة من اللبنانيين وانه مستمر لحمايتهم من الاقتتال... لقد دخل البعث السوري الى لبنان قبل الدخول الرسمي للجيش في نيسان 1976 وقبل طلب عميل سوريا الرئيس سليمان فرنجيه (جد الوزير الحالي)... دخل عبر قوات الصاعقة وجيش التحرير الفلسطيني التابع للبعث السوري، وجبهة احمد جبريل (القيادة العامة)، وعبر منظمات واحزاب فلسطينية اخرى اشعلت وقود المجازر الطائفية (في طرابلس والشمال خصوصا وفي الدامور والعيشية جنوبا). وقبل ان يشارك الجيش السوري رسميا في حصار واسقاط مخيم تل الزعتر الفلسطيني ( تموز 1976) وقبل ان يجري اغتيال كمال جنبلاط (اّذار 1977)...وسرعان ما انقلب الجيش السوري على الذين ادخلوه فكان قصف الاشرفية ثم زحلة ثم كل المناطق المسيحية دون ان تسلم المناطق الاسلامية طبعا من الوفاء وحفظ الجميل!! ثم خرج الجيش السوري بعد الغزو الاسرائيلي وحصار بيروت، وطبعا دون قتال وعبر خطوط رسمها له ارييل شارون صيف 1982 (القتال الوحيد حصل بشكل فردي وبامرة القوات الفلسطينية في بلدة السلطان يعقوب) ليقوم اثر ذلك بشن عملياته الوفية ضد قوات عرفات في البقاع (1983) ثم ضد مدينة طرابلس ومخيماتها ( 1983-1985 ) والتي نتج عنها تدمير مخيم نهر البارد والبداوي قبل دخول طرابلس واستباحتها لاعمال النهب والاغتصاب التي قامت بها عصابات مشتركة من القومي السوري والبعث وجبريل وفتح الانتفاضة ورابطة الشغيلة...ثم اطلق العنان لعصابة نبيه بري في حرب المخيمات والحرب ضد الاحزاب والقوى التقدمية(1984-1987)... و هكذا دخل الجيش السوري رسميا مرة ثانية الى العاصمة بيروت بعد ان قامت حركة امل التابعة لنبيه بري بحملتها الصليبية على المخيمات الفلسطينية وعلى السنّة في بيروت ثم على الاحزاب العلمانية والشيوعية... دخلت القوات السورية اثر معارك شباط 1987 التي افتعلتها امل ضد الحزب الشيوعي والتقدمي الاشتراكي (اتهمتهما بالتحالف مع عرفات) وقام حزب الله خلالها باغتيال القادة والمفكرين الشيوعيين حسين مروة ومهدي عامل وخليل نعوس والعشرات غيرهم اضافة الى خطف وقتل العشرات من المواطنين المسيحيين والعشرات من الرعايا الاجانب... ولم يشفع ذلك لحزب الله اذ ان اول عمل قامت به القوات السورية عقب دخولها بيروت كان مجزرة شارع فتح الله حيث اغتالت 27 من عناصر الحزب وايديهم موثقة خلف ظهورهم (راجع مقالة فادي توفيق: ضجة في البيت الشيعي لتعرف ان نصرالله هتف يومها ضد المخابرات السورية التي ارتكبت المجزرة باوامر من غازي كنعان ومصطفى طلاس)... كانت كل حلقة من حلقات التدخل السوري تأتي بعد فتنة يفتعلها عملاء سوريا.. هذا اضافة الى اعمال الاغتيال والخطف والتنكيل بالمعارضين... حتى استطاعت سوريا بناء جهاز امني – عسكري- ميليشياوي تابع لها تماما ويأتمر باوامر ضباطها في لبنان...ومنذ تلك اللحظة اغتال السوريون المفتي حسن خالد والشيخ صبحي الصالح والرئيس رينيه معوّض (واخيرا رفيق الحريري) لان هؤلاء الزعماء، وكلهم كانوا من اصدقاء سوريا المخلصين، طالبوا ببعض الحرية والكرامة والسيادة والاستقلال... هكذا يكون الوفاء وهكذا تكون الشهامة والاصالة حسب البعث العربي الاشتراكي ورئيسه بشار الاسد....
ومنذ عودة القوات السورية الى بيروت شنّت اسرائيل عشرات الغارات والاعتداءات على لبنان اشهرها في تموز 1993 ونيسان 1996 وفي صيف وخريف 1998...دون ان تطلق القوات السورية طلقة واحدة...وقد شنت اسرائيل عدة غارات في ابريل ومايو ويونيو 2001 على المواقع السورية في ضهر البيدر والبقاع...وحتى في عمق سوريا (غارة عين الصاحب)...ولم تطلق سوريا طلقة واحدة....هكذا يكون الوفاء والشهامة والعروية ورد الجميل!!!!
forumarabe@yahoo.com