من قال ان عون يرضى بأن يكون عاطلاً عن العمل؟

من قال ان عون يرضى بأن يكون عاطلاً عن العمل؟
حسن صبرا

من حق النائب ميشال عون ان يكره رئيس الحكومة فؤاد السنيورة، فهو ليس وزيراً في حكومته يناقشه ويشاركه القرار، وهو ليس مرشحه للرئاسة، خاصة بعد ان اعلن السنيورة مواصفات الرئيس السلبية ومن ضمنها الا يكون من اصول عسكرية، وأخيراً بنجاح رئيس الحكومة باستصدار قرار الاستعانة بخبراء ومؤسسات دولية للتحقق من مصاريف الدولة اللبنانية خلال الخمس عشرة سنة من لحظة البدء بتطبيق اتفاق الطائف عام 1990 حتى انسحاب الجيش السوري من لبنان عام 2005.. وهذا يعني امساك الحكومة برئاسة فؤاد السنيورة.. وليس فيها ميشال عون بملف الفساد ساحباً منه ورقته الوحيدة التي يلعب بها للوصول الى رئاسة الجمهورية.

وهكذا،
يضع السنيورة ميشال عون في خانة العاطلين عن العمل بل وسيلزمه بمراجعة تحالفاته الانتخابية التي اعتمدها ليدعي اغلبية تمثيله المسيحي – خاصة عندما يتبين مع الكشف الكامل لملفات الفساد دور اعضاء في كتلته الانتخابية – النيابية في سرقة ونهب أموال اللبنانيين التي يدعي عون انه عاد الى لبنان ليعيدها الى ابناء البلد.. هل سيتخلى عنهم ليخسر ادعاء تمثيله المسيحي فتطير أوهام الرئاسة ام يتمسك بهم ليخسر أي صدقية في وجود مشروع لديه غير الترئيس؟

غير ان،
من الظلم تحميل مسؤولية وضع عون في خانة العاطلين عن العمل على عاتق فؤاد السنيورة وحده، فالجنرال ربط نفسه وأنصاره ومحالفيه الانتخابيين والنواب في قدر واحد هو قدر رئاسة الجمهورية. شدّ وقدّ وقال انا ممثل المسيحيين الاعلى، صرخ ولبط وشبط وقال انا او لا احد.. حدد علاقته مع الدنيا كلها من خلال موقف منه للرئاسة. ناسياً ان هناك رئيساً آخر للجمهورية ينتمي واياه الى المدرسة ذاتها البريئة من الحالتين المتبادلتين بين عون ولحود وهما حالياً الديكتاتورية والكاريكاتورية.

عاد عون الى لبنان من المنفى الذي ارسله اليه النظام السوري بعد عقده صفقة مع النظام نفسه في معادلة معروفة عند اركان هذا النظام وهي انت معهم اما في القصر وإما في القبر، واذا كان عون يعتبر نفسه انه كان منفياً في القبر بقرار سوري، فإن اعادته الى لبنان بقرار سوري ايضاً سيكتمل بإرساله بعدها الى القصر!

وبهذا،
سقط عون في ما سقط فيه كل المستوزرين والمستنوبين ورجال الاعمال والنصابين والمنافقين وهم بالآلاف، الذين كانوا يقصدون مكاتب الاستخبارات السورية في لبنان وسوريا كي يقدموا انفسهم وهداياهم وصكوكهم جواز مرور الى الوزارة او النيابة او الادارة او الصفقة الموعودة. وان كان عون جلس ولمرة وحيدة على مستوى الندية التي يعرف رجال الاستخبارات السورية اتقانها ساعة عقد الصفقات وقد جربوها مع ايلي حبيقة وآخرين قبل عون..

كان على الفريق الاول أي النظام السوري في صفقته مع عون ان يلتزم بألا ينـزل اميل لحود عن كرسيه الذي مدد له فيها الا لعون، وكان على الفريق الثاني أي عون في صفقته مع النظام السوري ان يضعف انتفاضة الاستقلال التي اخرجت نظام الوصاية السوري الكريه من لبنان بعد استعباد له امتد نحو ثلاثين سنة.

كان رهان الفريقين الاول والثاني أي عون والنظام السوري بعد اضعاف انتفاضة الاستقلال، خلاف اركانها على اسم للرئيس الجديد بديلاً من الرئيس الممدد له.. وفي سعي للترويج لفكرة الخلاف هذه، خرج الزعم بأن هذا ما سيترك لحود رئيساً قسراً عن اللبنانيين والدستور والقانون حتى العام 2007 والا القبول بعون.. قسرياً ايضاً.. لكن حقيقة الامر ان بقاء لحود حتى نهاية ولايته القسرية هو ما سيترك عون عاطلاً عن العمل ليس حتى العام 2007 فقط بل وربما الى الابد.. لأن الاغلبيية التي لا تستطيع ازاحة لحود حتى الآن.. لن ترضى بعون تحت ظرف او قانون او شرط في انتخابات الرئاسة عام 2007.

فماذا سيفعل عون؟
عقلية عون الذي ما زال متمسكاً بشعاره الجيش هو الحل ويعرف ان الجيش اللبناني حالياً هو غيره ايام قيادته او قيادة اميل لحود له.فهو جيش الوطن كله المستقل فعلاً، المتحرر حقاً لن يعوز اعتماد الاسلوب العسكري في المعارضة مثلما اعتمده عندما كان حاكماً في قصر بعبدا، وما تهديده بالنـزول الى الشارع الا مقامرة جديدة هي جزء من سلوك عون، الذي لن يجد له احد تفسيراً الا عند طبيب نفسي مثلاً قد يعرفه جيداً وان كان الطبيب عادة يحتفظ بأسرار مرضاه.

اذن،
يتوقع كثيرون الا يسكت عون على البطالة التي يعيش فيها، وان يلجأ الى اساليب جديدة لتؤكد وجوده، وهذه الاساليب كثيراً ما ادخلت البلاد في حروب مدمرة نتيجة مغامراته ومراهناته الخاسرة ألم يراهن على صدام حسين عام 1989 ليرفض مسعى حافظ الاسد لترئيسه، فكانت حرب التحرير ضد نظام الوصاية السوري؟ الم يراهن بعد ذلك على حافظ الاسد ليدخل المسيحيين في حروب الالغاء فيضعفهم حتى يعتمده الاسد مرة جديدة رئيساً للجمهورية؟ فكانت النتيجة ان اضعاف المسيحيين ألغى فرصه بالرئاسة وسمح للنظام السوري بالسيطرة الكاملة على لبنان.

حتى الآن اكتفى عون بشق صفوف الاستقلاليين طمعاً بالوصول الى الرئاسة، وعندما يقتنع تماماً بأن لا امل له بها.. فإن هذا ما يجعل كثيرين يخشون ردود فعله غير المنضبطة.