الجوزو: الشيعة يريدون تصفية ثأر تاريخي......
حسن نصر الله مغرور ويريد أن يحكم لبنان......
حوار أجراه عبد الله كمال: استضاف رئيس تحرير مجلة "روز اليوسف" المصرية عبدالله كمال في مكتبه في القاهرة يوم الإثنين الماضي مفتي جبل لبنان الشيخ محمد علي الجوزو وأجرى معه حوارا مثيرا تنشره المجلة في عددها المقبل. وكشف الجوزو لـ "روز اليوسف" عن حملة الترهيب والترغيب التي يشنها عليه النفوض الشيعي في المنطقة، والتي أعلن انها تبدأ بالتشويه والشتم العلني وتصل الى حد التهديد بالقتل، ولا تنتهي بمحاولات إغوائه بأن يتحول إلى الشيعة، أو على الأقل يساندهم، أو يصمت عنهم. وتحدث الجوزو عن معركة ضروس يخوضها ضد النفوذ الشيعي في المنطقة العربية، السنية على امتداد أغلب بقاعها، معتبرا أنه يواجه "غزوا شيعيا" ومدا من أجل التشيع في البلاد العربية... انطلاقا من وضعه المذهبي في بلد طائفي مثل لبنان.
ويتمتع مفتي جبل لبنان إلى جانب موقعه الديني بخبرة سياسية واسعة وله رؤية شاملة لما يجري في المنطقة لاسيما فيما يتعلق بهجمة التشيع والنفوذ الفارسي المتزايد.. خاصة في منطقة ما يحاولون اختلاقه وهو الهلال الشيعي الممتد من إيران إلى لبنان مرورًا بسوريا والعراق.
لدى الجوزو ما يقوله في ملفات مختلفة، لاسيما للعلماء السنة في مصر، خصوصًا أولئك المنبهرين بأمين عام حزب الله حسن نصر الله.. أو الذين يقولون بالتقارب بين المذاهب.. أو يتجاهلون خطر المد الشيعي على مستقبل السنة.
وفيما يلي نص الحديث:
هل تعتقد أن هناك هجمة لها أهداف محددة ضد السنة في المنطقة العربية؟ ـ هذا لا شك فيه، ومؤكد بالدليل القاطع لأنه مع ظهور الخوميني وثورته بدأت تظهر أشياء علي السطح لم تكن موجودة من قبل، فوجدنا حملة إعلامية ضخمة تدعو للتشيع، وتهاجم أهل السنة، ووزعت كتب أصدرتها إيران بكميات ضخمة جدًا في المنطقة العربية، وكان من بينها كتاب لمؤلف تونسي اسمه «التيجاني السماوي» ادعي أنه كان سنيا.. وتعرف علي جماعة عراقيين شيعة وتبين له ـ علي حد قوله ـ أن هؤلاء هم الخط السليم، وكان كتابه فيه هجوم رهيب وكتابات ضد أهل السنة، مع أن أي شخص لكي يكتب في موضوع معين لابد أن يعيش المذهب الذي يكتب فيه خاصة المذهب الشيعي، ثم تبينت بعد ذلك أن علماء الشيعة أنفسهم هم الذين كانوا يكتبون تلك الكتب التي تصدر باسم هذا الكاتب، خاصة أنها كتابات تدل علي حقد عميق ومفاهيم ليس من الممكن أن يعبر عنها شخص تعرف علي الشيعة في فترة بسيطة.
هل هناك نماذج أخرى؟ ـ نعم في مصر وجدنا شخصًا يصدر عشرين كتابًا يهاجم عقيدة أهل السنة والصحابة، وهو صالح الورداني. لكنه تراجع عن الشيعة كما قال! ـ مسألة تراجعه هذه كلام فارغ، فهو يقول إنه ليس سنيا أو شيعيا، وأن له الآن طريقة خاصة، ولكن الحقيقة أنه رأي أن في مصر بدأت الحملة علي التشيع، وتنبه أن الدولة بدأت تستيقظ لما يحدث علي الأرض، فأراد أن يخرج نفسه من اللعبة ويقول هؤلاء الشيعة أنا بعيد عنهم، ولجأ إلي «التقية» وهي مبدأ معروف في المذهب الشيعي (أي أن تظهر غير ما تطبق) وذلك من أجل أن يحمي نفسه لأنه داعية للتشيع بشكل كبير، وهو ما أعلنه بنفسه في لبنان وقال أمام مجلس معين: «أن عندنا الآن في مصر أعداداً تبلغ الملايين.. هكذا ادعي».
وماذا عن لبنان؟ ـ الشيعة في لبنان لم يجاهروا في سب الصحابة من قبل وكانوا يكتفون بقولها فيما بينهم، لكن الآن أصبحت العملية علي المنابر، حيث نجد هجمة شرسة علي الصحابة.
منذ متي؟ـ يمكن القول أن ذلك نشأ منذ بداية ظهور حزب الله علي الساحة، وبعد عام 2000 هذا الانسحاب الإسرائيلي رافقه نوع من الغرور والتعالي والتحدي والاستفزاز العلني لدرجة أن بيتي في بيروت، ودار الفتوي في منطقة إقليم الخروب، وهي نصفها شيعة ونصفها سنة وكان لي أصحاب كثيرون من الشيعة، وحاليا بيتي هناك، ولما مكثت وسطهم بدأت أكتشف متي تعصبهم خصوصًا فيما يتعلق بكربلاء، وفي ذكري حادثة كربلاء كانوا يسلطون الميكروفونات علي دار الفتوي السنية!
هل تقصد أن الغرور الذي لدي حزب الله سببه مذهبي، وليس له علاقة بأنه يروج أنه حقق انتصارًا علي الإسرائيليين؟ ـ بالفعل أنا أقول أن السبب مذهبي محض، حتي أن الانتصار سبب له مزيدًا من الغرور، فاعتبر نفسه انتصر في عام 2000 وبدأ الجانب المذهبي يظهر، وفي 2006 كان قد وصل غرور حزب الله مداه، ولقد قلت أن هناك واحدًا من نواب حزب الله وهو علي عمار وقف يخطب ويقول: «عندما ينتهي عيسي ينتهي حزب الله، وعندما ينتهي الإنجيل ينتهي حزب الله، وعندما ينتهي القرآن ينتهي حزب الله، وبالتالي فإن حزب الله في رأيهم ليس حزبًا بشريا وإنما حزب إلهي، وذلك يتردد في مظاهراتهم وخطبهم أصبح هناك تقديس لدرجة التأليه، وهذه هي المدرسة التي ننتقدها.
نفهم من ذلك أنك لا تقف ضد مذهب الشيعة بعينه وإنما تقف ضد تصرفات مجموعة من الأشخاص يحاولون الآن أن يؤلهوا الأشخاص، والزعماء، ويفرضون المذهب بالقوة والتعالي والضرب؟ ـ بالتأكيد.. فهذا ما يحدث بالفعل، مثلاً نحن السنة لدينا مسجد اسمه مسجد النبي يونس وأهالي البلدة متزوجون من بعض وكانوا يصلون مع بعضهم البعض، وهذا المسجد يتبع أهل السنة، ثم ظهر شخص هو ضابط في الأمن العام استولي علي أرض أوقاف سنية، وقال في البداية إنني أبني دارًا للقرآن، وهي دار للجميع، وبعدما تم البناء سمي الدار حسينية (دار مناسبات شيعية) وفي الجامع نفسه بدأوا يعلون الأذان بقولهم حي علي خير العمل بعد حي علي الفلاح، وبعد ذلك تطورت العملية وبدأوا يحضرون قطع تراب في برميل لمن يريد أن يصلي صلاة الشيعة (التراب قطعة حجر يأتي بها الشيعة لكي يسجدوا عليها)، ثم بدأوا يقطعون كتب الصحابة الموجودة في الجامع، وبدأوا يستفزون الشباب السني. خطيب الجامع كان سنيا وأمه شيعية، وأبوه سنيا، والجميع وافق عليه، ولكن هذا الخطيب افتعل مشكلة هناك، إذ أخذ أموالاً من الناس وهرب وأتي إلي مصر للأسف الشديد، فبدأنا نرسل خطيبًا غيره لأننا مسئولون عن المسجد، وكانت النتيجة أن الشيعة رفضوا ذلك وأرادوا أن يتم تعيين خطيب شيعي، وقالوا إن ضابطًا متقاعدًا هو الذي سيكون الإمام والخطيب، وأتي هذا الشخص يوم الجمعة وصعد علي المنبر قبل الأذان من أجل أن يسبق في إلقاء الخطبة، فطلع له شاب سني وقال له: «ماذا تفعل مازال الأذان لم يرفع؟ ولابد وأن تنزل»، وبالفعل أنزله، فحدثت أزمة وبدأ الخلاف، وحاولت أن أنهي هذا الخلاف كي لا يتطور فقلت إن هذا الجامع تابع للأوقاف السنية ولا أحد يقوم بتعيين أئمة ولا خطباء فيه سوي الأوقاف، فأرادوا أن يتمردوا، قلت أغلقوا الجامع من أجل عمل تصليحات، فأغلقنا المسجد، وقمنا بنزع الشبابيك والبلاط، ولكنهم بدأوا يتحدوننا، وكانوا يأتون بسجاد ويضعونه علي الرمل ويصلون، فتركتهم قليلاً، وبعد شهر واثنين قلت لهم «اصنعوا منبرًا حجريا»، فقام واحد منهم بالشكوي لقاضي شيعي، وهذا القاضي قال لا أحد يدخل هذا المسجد لا سني ولا شيعي.. وأمر بتوقف كل أعمال البناء فيه، فقلت للمحامي اترك الأمر هكذا، لأنني كنت أريد أن أغلق الجامع في وجههم بأي شكل بعد أن ضربوا اثنين من شبابنا السنة لأنهم كانوا يعملون في الجامع، وادعوا أنهم تعرضوا للضرب، واشتكوا للجيش. وهناك الآن قضية رفعها عبد الأمير قبلان ـ نائب رئيس المجلس الأعلي الشيعي في لبنان ـ ضد الأوقاف السنية، مدعي أن المسجد والأوقاف هما في الأصل ملك الشيعة، وأننا السنة شركاء في تلك الأوقاف التي تمتد 41 ألف متر علي البحر. والحكم صدر لصالحنا في البداية.. ثم استأنفه عبد الأمير قبلان، والقاضي في الاستئناف لا يريد أن يصدر الحكم وكان من المفترض أن يصدر منذ شهر، ولكن أجله خوفًا من أن تقع مشكلات بينه وبين الشيعة لأنهم أتوا له من حزب الله، وحركة أمل وقالوا له: «إن لم تصدر حكمًا لصالحنا، فجمده»، وهذا ما حدث.
وماذا تستخلص من هذه القصة الطويلة؟ـ هذه القصة تؤكد ما يقوله عبد الأمير قبلان هذه الأيام من أننا ـ ويقصد الشيعة ـ مضي علينا 1400 سنة ونحن مضطهدون، والآن لابد وأن نأخذ حقنا، ولابد وأن نسترد حقنا، وكأنه أخذ بالثأر التاريخي، وهو كلام صادر من عبد الأمير قبلان الذي يعتبره الكثير معتدلاً، وترسل له وزارات الأوقاف في البلاد الإسلامية، التي منها مؤتمر وزارة الأوقاف في مصر ليشارك معنا في المؤتمرات، وذلك بالرغم من أنه طلب إنشاء مكتب ثقافي للشيعة في مصر، وهو ما تم رفضه، خاصة أن الشاهد هو أن المكتب الثقافي الذي أقيم في السودان للشيعة تحول إلي مركز للتشيع وأغلقته السودان. هذه الحسينية، والصراع عليها، وعلي مسجد ما إذا كان سنيا أو شيعيا هو تعبير عن حقد وأن هناك رغبة لتحقيق ثأر تاريخي عبر النصر مع إسرائيل، وكأن الشيعية يقولون: «نحن انتصرنا وبالتالي يصبح رغمًا عن أنفكم أن تنفذوا كل مطالبنا».
الشيعة في لبنان، وحزب الله بالتحديد، يستغلون الآن القيمة المعنوية لهذا النصر، والسؤال الذي يتردد الآن في أذهان الناس لماذا لم يشارك السنة في مقاومة المحتل الإسرائيلي، أم أن لدينا معلومات مغلوطة وأن السنة قاموا بمواجهة الاحتلال الإسرائيلي لكنهم لم يقوموا بالدعاية لأنفسهم؟ـ الناس للأسف لديهم معلومات لم يستوعبوها لأنهم لا يراجعون التاريخ، 51 سنة حربًا خضناها كان سببها فلسطين والمقاومة الفلسطينية ودخول فتح للبنان في 86، وطبعًا المواطنون المسيحيون في لبنان خافوا علي أنفسهم لأنه (أي فتح) جيش مسلح مسلم سني، وأنا طبعًا كنت من أنصار ثورة فلسطين، وكنت أقوم بنفسي بالإشراف علي سفر المجموعات للحرب علي إسرائيل، اعتبرنا قضية فلسطين مقدسة، ولم تنته هذه الحرب إلا بعد 71 سنة، وكان المستهدف في هذه الحرب الفلسطينيين علي الحدود من قبل الشيعة أنفسهم، حيث كانوا يقومون بقذيفة أو اثنتين علي أرض فلسطين وبعد ذلك تقوم إسرائيل بهدم بيوتنا نحن، هذا كان منطق الشيعة. وحرب المخيمات معروفة.. وكلنا نعلم أن الشيعة وحركة أمل في فترة من الفترات كانت تضرب كل المخيمات الفلسطينية ذلك كان بإرادة سورية محضة، التي دخلت بعد المقاومة اللبنانية مباشرة بحجة احتضان المقاومة، وبعد ذلك بدأت المؤامرة علي المقاومة نفسها. الذي أريد أن أقوله إن السنة قاوموا فعلاً، وكانوا يقومون بعمليات داخل المستعمرات التي تحتلها إسرائيل.
إذن لماذا يزايد حزب الله علي الأمة بأنه حقق النصر علي إسرائيل؟ـ حزب الله ولد في أحضان حركة أمل التي صنعها أبو عمار (ياسر عرفات) من أجل أن يرضي الشيعة وموسي الصدر وقتها، ودربهم، ووصي بعض الدول العربية أن تساعد هذه الحركة من أجل أن يصمتوا عنه قليلاً. المقاومة كانت سنية 100 %، السنة هم الذين علموا الناس حمل البندقية، والأسلحة، و«فتح» هي التي أعطت حركة «أمل» الأسلحة، ولكن بعد ذلك استعملوا هذا السلاح ضد الفلسطينيين.
ولكن أنت لم تجب أيضًا عن السؤال وهو: لماذا اختطف حزب الله حق المقاومة وزايد بنصره علي الأمة؟ ـ السبب هو ارتباط حزب الله بإيران، القرار في حزب الله له بعد مذهبي يصل إلي طهران، المرجعية لحزب الله خومينية مباشرة، وممثلها حسن نصر الله، وفي العراق عبد العزيز الحكيم، ومقتدي الصدر والسيستاني، وهو إيراني تابع للخوميني.
لكن السيستاني يقول إنه مختلف عن الصدر ونصر الله وأن هناك اختلافًا في المرجعيات واستقلالاً في الرؤية؟ ـ بالعكس ليس هناك اختلاف في المرجعيات، كل الولاء للمرجعية في إيران، ولذلك قلت أن الحرب في العراق تقودها أمريكا، وإلي جانبها إيران، وإلي جانبها شيعة العراق، وللأسف الأكراد باعتبارهم ألقوا بأنفسهم في أحضان أمريكا، ولا يستطيعون التخلي عن هذا الموقف، وطبيعي أن الأكراد العراقيين لا يحاربون السنة العرب، ولكن يتحولون لحرب التركمان، لأنهم ضد تركيا، والذي أريد تأكيده هو أن الصدر وحسن نصر الله، والسيستاني علي صلة بالقيادة الإيرانية، ومن هنا فإن سلطة خامئني ممتدة إلي العراق، ومن العراق إلي سوريا ثم حسن نصر الله في لبنان. هناك هلال شيعي تحقق الآن وهو الذي يحرك الشيعة في البحرين، والشيعة في السعودية، وفي الكويت، منطقة الخليج كما قالها الملك عبد الله علي برميل من بارود قد يتفجر في أي لحظة، وهناك خطر يهدد العرب كلهم، ولا أظن أن مصر مثلاً سوف تقف علي الحياد وهي تري أهل السنة يتعرضون للخطر في منطقة الخليج.
هل الاستهداف سني أم عروبي؟ هل التنافس فارسي عربي؟ أم أنه تنافس شيعي سني؟ ـ التنافس فارسي عربي، والفارسي يركب موجة التشيع ولذلك هو يريد أن يشيع الناس في مناطق سنية مثل مصر والسودان.. ولبنان.
وكيف يشيعون الناس؟ ـ هم يشيعون الناس بالمال، فعندنا الآن في لبنان 51 إلي 20 شيخًا سنيا من الدرجة الثالثة، وهؤلاء يعطيهم الشيعة مرتبات بعضها تصل إلي 1500 دولار في الشهر، أما نحن فنعطي راتبًا لا يزيد علي 400 ألف ليرة لبناني وهو مرتب لا يساوي 200 دولار، والسبب أن لديهم إيران تدعمهم.
يقول بعض المحللين اللبنانيين إن السبب هو أن السنة في لبنان فقدوا دعم الدول السنية العربية، بينما دخلت إيران فأغرقت الشيعة بالأموال ومن ثم تراجع السنة والمؤسسة السنية في لبنان، فهل هذا كلام دقيق؟ ـ لقد كان الشيعة دائمًا يتعلمون في مؤسسة سنية، واذكر عندما كنت في مدرسة ابتدائي اسمها مدرسة الفاروق، كان الشيعة يأتون ليتعلموا معنا، وكانوا يعملون في مؤسساتنا، وكنا نحتضنهم، «نبيه بري» نفسه درس في المقاصد، وجامعة بيروت العربية، فالشيعة كنا نحتضنهم كي يتعلموا عندنا، لكن أتت إيران وبدأت تدفع بالملايين لاحتضان هؤلاء. محمد حسين فضل الله حين سئل في مقابلة تليفزيونية أنت ليس لك منصب رسمي، فمن أين تعيش؟ فقال أنا لدي 22 مؤسسة ترد علي هذا الكلام، وأنا أقول هناك 280 مؤسسة في الضاحية الجنوبية للبنان للشيعة، وإذا استعرضنا مؤسسات السنة في لبنان سنجدها تعد علي أصابع اليد، خمس أو سبع مؤسسات علي الأكثر، وأصبح الشيعة أكبر منا وأغني منا، وكل هذا من مال إيران.