سقوط قناع حزب اللات الخارجي.....
عندما نطرح التناقضات الصارخة على المؤيدين لحزب الله عن جهل أو علم, متسائلين عن كيفية تفسيرها وماهية تأويلها وأماكن تصريفها, يتداعون متخبّطين من كل حدب وصوب بجواب مستنسخ، وكأننا في مدرسة ابتدائية، مفاده: "إن حزب الله هو حزب لبناني ليس له أي علاقة أو نشاط مع الخارج, وهو غير مرتبط مع إيران، ولكنّه يكن لها احتراما وامتنانا كبيرين"!!
في هذا التقرير، سنعرض لكم النذر اليسير من نشاط حزب الله اللبناني الخارجي، مع إهمالنا الحديث عن تبعية حزب الله الدينية والسياسية لإيران، لنتحدث عنها في تقرير آخر خاص بها.
حزب الله وجيش المهدي:
- أنا اليد الضاربة لحزب الله اللبناني في العراق) مقتدى الصدر في تصريح له يوم الجمعة 12-4-2004.(
- تمّ تشكيل مجموعة من 1500 مقاتل للذهاب إلى لبنان)عضو تيّار الصدر وجيش المهدي في تصريح له في27-7-2006 (
أثار التصريح المفاجئ لزعيم جيش المهدي مقتدى الصدر، الذي ألقاه في مسجد الكوفة يوم 12-4-2004، في أنه اليد الضاربة لحزب الله اللبناني في العراق، تساؤلات عديدة لدى قطاعات واسعة من الخبراء والمحللين والمتابعين عن دوافع هذه الرسالة، التي أرسلها الصدر لحزب الله آنذاك، وتراوحت التساؤلات وقتها بين:
- هل هي عرض للتعاون مع الحزب، أم رسالة إلى إيران الراعي الرسمي له، مفادها أننا في خدمتكم؟
- هل هي مزايدة سياسية و تصريحات غوغائية؟
- أم أنها رسالة جوابية عن اتصالات جرت بين حركة مقتدى الصدر و حزب الله؟
- أم أنها حماقة، غايتها استفزاز الجميع بما في ذلك قوات التحالف وتجميل صورة حركته لدى جهات إقليمية؟
لم نحصل على جواب واضح وحاسم بشأن هذا التصريح، واضطررنا للانتظار, إذ إن الفضائح والأسرار لا تكشف عادة فورا, بل تحتاج لفترة ليست بقليلة من الزمان والوقت.
في 27-7-2006 قام عضو التيار الصدري وجيش المهدي بالإعلان عن تشكيل مجموعة من 1500 مقاتل للذهاب إلى لبنان دون أن يوضّح لنا مهمتهم هناك. ولم ننتظر كثيرا هذه المرّة حتى تسرّبت المعلومات الحقيقية عن الدور والأهداف. إذ نقلت صحيفة نيويورك تايمز بعد ثلاثة أشهر من الخبر السابق, في 28-11-2006 تقريرا مطولا، جاء فيه أن حزب الله اللبناني قام بتدريب ما بين ألف وألفين عنصر من عناصر جيش المهدي الذي يتزعمه مقتدى الصدر, وقد نقلت وكالة" فرنس برس" في اليوم التالي أيضا تصريحا استخباراتيا يؤكّد تقرير الصحيفة, جاء فيه أن دعم حزب الله للميليشيات الشيعية العراقية، وخاصة جيش المهدي سجل تقدما في نهاية العام الفائت وبداية العام, وهي الفترة ما بين التصريحين الأول والثاني الواردين أعلاه.
كما نقلت بعض المصادر الإخبارية عن موظف في مطار بغداد الدولي، أن خمسة وثلاثين قياديًا من جيش المهدي كانوا قد غادروا صباح الأربعاء 25-10-2006 إلى لبنان، بناءً على دعوة رسمية موجهة لهم من حزب الله, وأن من بين الذين غادروا إلى لبنان، المدعو "أبو طالب النجفي"، أحد قادة جيش المهدي الذين برزوا خلال الفترة الماضية في مدينة الحرية، حيث قتل وهجر العشرات من العائلات السنيّة.
التقرير الخطير جدا، لا يعني أن حزب الله يشترك مع العصابات الصفوية في سفك دماء أهل السنة في العراق واللاجئين الفلسطينيين الذين قتل جيش المهدي عددا كبيرا منهم فقط, بل يعني أيضا الطعن في ظهر المقاومة العراقية التي تواجه أكبر وأضخم قوة احتلال عرفها التاريخ, والتي لا يعترف حسن نصر الله بها صراحة، وصنّفها في خطابه الشهير في ذكرى الإمام الكاظم، الذي تزامن مع حادثة جسر الأئمة في بغداد في خانة "صدّامي بعثي وتكفيري إرهابي", وبات عليها الآن مقاومة ثلاث احتلالات بدلا من واحد: الأول هو الاحتلال الأمريكي والثاني هو الاحتلال الصفوي، والثالث هو العملاء والمرتزقة من الميليشيات الشيعية، ومنهم جيش المهدي.
التعليق المباشر على مثل هذا التقرير، سيكون بالنفي الأكيد لهذا الأمر, هذه هي عادة القوم, فإن وافقهم الخبر صدّعوا رؤوسنا به في شاشتهم "المنار"، ولم يستحوا أن يكون الخبر من الصحف الصهيونية أو الأمريكية أو حتى البريطانية, وإن لم يوافقهم، فالنفي الفوري والاتهام بأنه تقرير مدسوس, كيف لا وهو صادر عن أعداء الأمّة!!
سنكون أكثر إنصافا منهم في ذلك، ونتجاهل ما قاله مقتدى الصدر بعظمة لسانه، وكيف تطابقت التصريحات المتوالية مع التقرير الأمريكي، وسندفع باتّجاه عدم صحّة التقرير استنادا إلى الجهة التي نشرته، وليس استنادا إلى حقائق تبيّن عدم صحّة ما ورد فيه, لكننا في المقابل سنعرض لدور الحزب في الأحواز العربية وفي إيران، وهذه المرّة على لسان أطراف مسئولين إيرانيين و شيعة عرب, فهل سينكرون؟!!
حزب الله اللبناني و القضية الأحوازية:
على الرغم من أنّ إقليم الأحواز العربي في إيران، يعدّ من أكثر الأقاليم إنتاجا للنفط، إلا أنه يعد ثالث أفقر إقليم في إيران, ويعاني 80% من الأطفال فيه من سوء التغذية ويبلغ معدّل البطالة بين العرب، خمسة أضعاف معدل البطالة بين الفرس.
ويمنع نشر الصحف والكتب باللغة العربية بهدف محو الهوية العربية، ويقتصر التعليم فيه على اللغة الفارسية فقط، حيث تبلغ نسبة الرسوب نتيجة اعتماد اللغة الفارسية حصرا في المرحلة الابتدائية حوالي 30%، وفي المرحلة الثانوية حوالي 50%، ويصل معدل الأمية بين العرب أربعة أضعاف مثيلاتها بين غير العرب.
لا نريد أن نتحدث عن السياسات الإيرانية المقززة تجاه عرب الأحواز -وأكثرهم من الشيعة- والتي عملت على تهجيرهم وقتلهم واستضعافهم وأوصلتهم إلى هذه الحالة, لكننا سنتحدث عن دور حزب الله في قمع العرب الأحوازيين!!
خلال انتفاضة الطلبة في إيران عام 1999، ومن ثم المواجهات الدامية التي حصلت بين رجال الأمن وأهالي مدينة الاحواز عاصمة محافظة ما يسميه الإيرانيون (خوزستان)، تحدث أكثر من مصدر، إضافة إلى قادة الطلبة والفعاليات العربية بالمدينة، عن وجود المئات من العسكريين العرب بين صفوف قوات الأمن ووحدات الحرس التي تولت قمع انتفاضة الطلبة، وإخماد مسيرات العرب الإيرانيين.
التفسير الوحيد الذي برز وقتها حول العرب المنخرطين في قوات الأمن الإيرانية وبعض وحدات الحرس الثوري، كان أنهم من رجال فيلق بدر الجناح العسكري للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق, غير أن لهجة بعض رجال الأمن القريبة من لهجة أهل لبنان ، أثارت تساؤلات حول جنسية هؤلاء, إلى أن تبيّن أنهم عناصر من حزب الله اللبناني!!
من المعروف أنّ المنخرطين في حزب الله اللبناني لا يولدون متدربين عسكريا بالطبع, إنما يتم إرسالهم إلى معسكرات تدريب في دمشق بالنسبة للحالات العادية، بينما النخبة يرسلون إلى طهران، حيث يتم تدريبهم على الأسلحة المعقّدة والمتطورة، كالأسلحة المضادة للدبابات والصواريخ المتنوعة المسافات والتوجيه, ولذلك فقد اقتضت هذه الحاجة فتح مراكز تدريب لهم, وبالطبع ستكون في الأحواز.
في 1-4-2006, قامت المنظمة الوطنيّة الأحوازية (عربستان) بتوجيه رسالة خطيّة إلى أمين عام حزب الله اللبناني حسن نصر الله، تشرح له فيها معاناة العرب في الاحواز من السلطات الإيرانية, وقد ورد في سياق الرسالة، إشارة إلى مشاركة أعضاء حزب الله اللبناني في قمع المتظاهرين الاحوازيين, بما نصّه:
"المؤكد أن النظام الإيراني لا تنقصه العناصر ولا الخبرة في كيفية قمع الشعب الأحوازي، إلا أن استخدامه للعناصر العربية اللبنانية وعناصر أخرى من قوات فيلق بدر الناطقة باللغة العربية هي الأخرى لقمع المتظاهرين الأحوازيين، تدلّ بوضوح على حجم المؤامرة والفتنة التي ينوي زرعها بين الأشقاء العرب المسلمين من أبنائنا وأبنائكم، ولا نظن أن أمراً كهذا لا يستدعي التدخل العاجل والفوري من قبلكم..". وأضافت الرسالة أيضا: "سماحة السيّد حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله اللبناني الموقر: نناشدكم بأن تطلعوا مناضليكم الشرفاء في حزب الله، بمدى خطورة مشاركتهم في قمع أشقائهم الأحوازيين الأبرياء، وحجم المؤامرة الإيرانية لزرع الفتن في صفوف العرب والمسلمين".
طبعا كان من الغباء السياسي إرسال مثل هذه الرسالة إلى من يمثّل ذراع إيران في المنطقة والوكيل الشرعي للإمام الخامنئي في لبنان وحليف النظام السوري المدّعي العروبة زورا وبهتانا، وهو الذي لا يعرف منها إلا الشعارات, فهو قد غدر بعدد كبير من الأحوازيين المقيمين على أراضيه مؤخرا, واعتقلهم وسلّمهم لقمة سائغة للنظام الإيراني كما فعل مع المجاهدين الذين تسلّلوا عبر أراضيه إلى العراق, فسلمهم إلى المخابرات الأمريكية أو ألقاهم في سجونه، لكن على أية حال, نتفهّم الإخوة الذين وجهوا الرسالة, فالغريق لا يخاف من البلل كما يقول المثل.
وقد جاء في مقال نشرته التايمز البريطانية بتاريخ 10-10-2006، بعنوان: "حرب طهران السريّة على شعبها"، يتحدث عن الطرق التي تستعملها السلطات الإيرانية في لي ذراع الأحوازيين، عبر إعدامهم دون التمييز في الأعمار بين قاصر وغير قاصر، بالإضافة إلى احتجاز الأطفال وأمهاتهم إلى حين تسليم رب البيت نفسه للسلطات المختصة, ما يؤكد على ما ذهبت إليه رسالة المنظّمة الوطنية الأحوازية (عربستان,( حيث جاء في المقال ما نصّه:
"وما يدعو إلى السخرية, أن حزب الله اللبناني الذي من المفترض أنه يمثل المقاومة العربية في الشرق الأوسط, متورط في قمع وتشريد الاحوازيين العرب في إيران. فقد أقامت إيران في الأحواز (نظرا لسهولة التأقلم والتفاهم بالعربية) مراكز تدريب لحزب الله وفيلق بدر الميليشيا العراقية، الذي تقوم فرق الموت التابعة لها بقتل السنة في العراق".
فإذا كذبنا تورط حزب الله مع جيش المهدي نظرا للشك في مصدر الخبر, فماذا نقول عن رسالة المنظمة الأحوازية العربية الشيعية؟! على أية حال، فقد سهل علينا الإيرانيون مشاق إثبات ذلك من خلال السيد علي أكبر محتشمي.
حزب الله يحارب مع حرس الثورة ضدّ الجيش العراقي السابق:
كشف حجّة الإسلام الإيراني "علي أكبر محتشمي بور"، الذي يعتبر مؤسس نواة حزب الله اللبناني والأب الشرعي له, وعمل سفيرا في سوريا بين 1982-1985، ثم وزيرا للداخلة في إيران في لقاء مع صحيفة "شرق الإيرانية" في 3-8-2006، ما يؤكد أكثر من مجرد تبعية حزب الله اللبناني للنظام الإيراني. فقد أشار بور في هذه المقابلة الخطيرة ولأول مرة، يتم الكشف عن هذه المعلومات علنا, إلى أن حزب الله اللبناني "شارك جنبا إلى جنب مع الحرس الثوري الإيراني في الحرب الإيرانية –العراقية"!! ورغم أنه لم يذهب ابعد من ذلك، لكنه بين أن علاقة حزب الله مع النظام الإيراني أبعد بكثير من علاقة نظام ثوري بحزب أو تنظيم ثوري خارج حدود بلاده، بحيث يبدو الحزب وكأنه جزء من مؤسسة الحكم في إيران، وعنصر أساسي في مؤسسته العسكرية والأمنية.
إذ يقول محتشمي ما نصّه: "جزء من خبرة حزب الله يعود إلى التجارب المكتسبة في القتال وجزء آخر من التدريب.. إن حزب الله اكتسب خبرة قتالية عالية خلال الحرب الإيرانية ـ العراقية، بحيث كان رجال الحزب يقاتلون ضمن صفوف قواتنا أو بشكل مباشر"!!
وقال في المقابلة أيضا: "بعد الاجتياح الإسرائيلي للبنان في العام 1982، تراجع الإمام الخميني عن فكرة إيفاد قوات ضخمة إلى لبنان وسورية، بعبارة أخرى بعد أن حطت الطائرة الإيرانية الخامسة في دمشق التي نقلت وحدات من الحرس والبسيج ولواء ذو الفقار الخاص (الخالدون في عهد الشاه)، عارض الإمام الخميني إرسال مزيد من القوات، وكنت وقتذاك سفيرا في سورية، وأعيش قلقا حقيقيا حيال مصير لبنان وسورية، ولهذا ذهبت إلى طهران وقابلت الإمام الخميني، فيما كنت متأثرا ومتحمسا لفكرة إرسال القوات إلى سورية ولبنان، بدأت بالحديث عن مسؤولياتنا وما يدور في لبنان، إلا أن الإمام هدأني، وقال إن القوات التي قد ترسلها إلى سورية ولبنان لا بد أن يكون لها دعم لوجيستي كبير، والمشكلة أن طرق الإسناد والدعم تم عبر العراق وتركيا، والأول في حرب شرسة معنا، والثاني عضو في الناتو ومتحالف مع أمريكا.... إن الطريق الوحيد هو تدريب الشبّان الشيعة هناك, وهكذا ولد حزب الله".
ووفقا لمحتشمي، فإن أكثر من 100 ألف شاب شيعي تلقوا تدريبات قتالية منذ تأسيس حزب الله في لبنان، بحيث كانت كل دورة تدريب تشمل 300 مقاتلا, وإلى الآن أقيمت دورات عدة في لبنان وإيران.
فإذا كان حزب الله لبنانيا، وليس له اهتمام بالشؤون الخارجية, فما الذي يدفعه يا ترى إلى قتال الجيش العراقي السابق إلى جانب الحرس الثوري الإيراني، علما أن الجيش العراقي جلّه من العرب الشيعة!! فإن قلنا بكذب دور الحزب مع جيش المهدي، لأن الخبر أمريكي كما يقولون, وفي قضية الأهواز لأن الخبر عربي, فهل نكّذب أيضا ما يقوله مؤسس الحزب والأب الشرعي له، أم ماذا؟!