رفضوا تحويل لبنان خط دفاع أول للحرس الثوري الإيراني.....
المحاربون السابقون مع عون ينفصلون عن تيّاره:
كيف يحارب الميليشيات واليوم "يتفاهم" معها؟.....
نانسي فاخوري.في ما يعكس تبايناً كبيراً في الخيارات والأولويات والالتزامات بين: منطق الالتزام بالسيادة الوطنية وخيار الدولة والدفاع عن الحريات، ومنطق الالتجاء الى المحاور الاقليمية والانغلاق في إسار الطموحات الشخصية دون سواها، تتبلور شيئاً فشيئاً حركة الاعتراض المتزايد على سياسة "الجنرال" النائب ميشال عون في "صفوفه" بعدما بات مكشوفاً حقيقة الافتراق الواسع بين "المبادئ" التي يعلنها، و"السياسة" التي يمارسها.
فبعد "الحركة اللبنانية الحرة" بقيادة بسام آغا، و"حزب السلام اللبناني" برئاسة روجيه اده، ثم "التيار اللبناني" بقيادة سمير سكاف و"حركة التغيير" برئاسة ايلي محفوض والقيادات وفي مقدمها عضو حركة 14 آذار المحامي الياس الزغبي وعشرات الاستقالات الفردية لناشطين فيه، تتواصل الانشقاقات عن "التيار الوطني الحر"، من الشمال الى بيروت مروراً بجبل لبنان.
وفي هذا الاطار أعلنت، أمس، مجموعة "مغاوير" من قضاء البترون من المحاربين الذين خاضوا معارك "التحرير" الى جانب قائدهم "السابق" العماد ميشال عون، إكمال مسيرة الانشقاقات ضنّاً بالمبادئ التي آمنوا بها وناضلوا لأجلها.
وأكدت المجموعة المنشقة بلسان أحد أعضائها جهاد يونس أن سبب الانشقاق يعود إلى الخلاف مع عون حول مفهومي السيادة والدولة. وشدد على أن "الموارنة لم يكونوا في تاريخهم ضد مشروع الدولة والمصلحة الوطنية"، ولفت الى أن هذه المجموعة وآخرين "في تناقض كبير مع ما ناضلوا لأجله، ولأجله دخلوا السجون واضطهدوا في المعتقلات، وهو مشروع الدولة".
وذكّر عون بأن تضحياتهم معه ولأجله "انما كانت يوم كان ينادي بمشروع الدولة المناقض للميليشيات"، منتقداً ورقة التفاهم التي وقعها عون مع "حزب الله"، وسأل: "لماذا التساهل مع سلاح داخل الدولة وفي الوقت عينه خارج مؤسساتها؟". وأعلن استعداده ورفاقه للنزول الى الشارع "ليس لضرب مؤسسات الدولة بل لحمايتها وفي مقدمها السرايا الحكومية".
عقدت مجموعة من قدامى المحاربين السابقين مع العماد عون أمس، مؤتمراً صحافياً في نادي الصحافة في وسط بيروت، بحضور رئيس النادي يوسف حويك، عبرت عن انتقادها لسياسة عون والتحالفات التي يقيمها والسياسة التي يعتمدها. وتحدث يونس باسم المؤتمرين، فدعا الى "توحيد المسيحيين كخطوة أولى لتوحيد لبنان"، متسائلاً عن جدوى تحالف "التيار الوطني الحر" مع "حزب الله" قبل تفاهمه وتحالفه مع الأطراف المسيحية الأخرى، غامزاً من قناة ورقة التفاهم بين التيار والحزب على انها "جاءت خدمة لمصلحة المحور السوري الإيراني".
وأعلن يونس قرار المجموعة بمتابعة النضال السياسي بعيداً عن تيار عون، وتلا بياناً جاء فيه: "الوفاء للشهداء الذين سقطوا دفاعاً عن مقدساتنا وعن الحرية وعدم التبعية في وطننا. منذ تأسيس دولة لبنان الكبير وقوافل الشهداء الأحرار تسير وتغسل بدمها عار التبعية والعبودية وتكسر نير الإستعمار والوصاية.
فمن شهيد القضية شهيد 10452 كلم 2 (الرئيس بشير الجميل) والشهيد النمر نمر الشهداء (داني شمعون) الى شيخ وعريس وأمير الشهداء (الشيخ بيار الجميل) مروراً بشهيد الكيان والوطن والكرامة الإنسانية والمستقبل الواعد (الرئيس رفيق الحريري)، وشهيد الكلمة الحرة والموقف الوطني الصلب النائب جبران تويني . نلتقي اليوم لنؤكد أنه لا يمكننا أن نحيد قيد أنملة عن الثوابت والمبادئ التي ترعرعنا عليها والتي هي جزء من تاريخنا الأصيل. لا يمكن أن نحيد عن خيار حريتنا لمصلحة حسابات فئوية وضيقة وشخصية، أو من أجل مناصب فانية لا يكون لها قيمة إذا طار الوطن. ولا يمكن أن نحيد عن سبب وجودنا، ألا وهو الحرية، وأساس كياننا الا وهو الإستقلال، وجوهر استمرارنا ألا وهو السيادة".
أضاف: "نلتقي اليوم لنعلن أمام الرأي العام أنه لا يمكننا الموافقة على المضي قدما في سياسة غير لبنانية، وفي حسابات لا نراها وطنية، وفي تحالفات لا تمت الى شعاراتنا التي اقتنعنا بها بأية صلة. نلتقي اليوم لنؤكد أن استقلال لبنان لا تحميه الا تحالفات سيادية، وأن استمرار المسيحيين فيه أحرارا وأسيادا لا يوفره الا مد اليد الى الأحرار والشجعان، وأن الحفاظ على المسيحيين غير ممكن الا تحت عباءة البطريرك صفير. فتوحيد المسيحيين هو الخطوة الأولى لتوحيد لبنان، لأن انقسامات الماضي لم تجر على المسيحيين إلا الكوارث والويلات والمزيد من التفتت والهجرة.
أليس بالحري أن نتفاهم ونتحالف مع الأطراف المسيحية الاخرى قبل التفاهم والتحالف مع شريكنا الآخر في هذا الوطن؟ ولمصلحة من هذا التراشق الحاد بين المسيحيين؟ وهل ورقة التفاهم بين التيار الوطني الحر وحزب الله هي ضمن استراتيجية مسيحية وطنية تخدم بقاءنا الحر في لبنان؟ أم هي جاءت لمصلحة المحور السوري ـ الإيراني؟ هذا المحور الإيراني الذي من أولوياته تحويل لبنان منطقة نفوذ وخط دفاع أول للحرس الثوري الإيراني، وهذا أصبح واضحاً وجلياً بعدما فضحته سياسة بعض الأطراف في هذا البلد وبعد أن سمعناه على لسان أرفع المسؤولين الإيرانيين".
وأعلن "إزاء هذا الوضع السيئ قررنا أن نتابع نضالنا السياسي بعيداً عن التيار الوطني الحر، من أجل تصحيح المسيرة وسوف نضع خطة تحرك وبرنامج عمل بعد تقديم كتاب علم وخبر إلى وزارة الداخلية".
وختم: "نحن أبناء البترون ومن هذا المنبر الحر نوجه الدعوة إلى كل رفاقنا في الكورة وزغرتا وبشري وعكار والمتن وكسروان وبعبدا وعاليه والبقاع الجنوب وبيروت أن نكون يداً واحدة في تصحيح هذه المسيرة قبل فوات الأوان وقبل أن ينال أعداء لبنان منا واحداً تلو الآخر، وقبل ان تطول لائحة الشهداء، فالمعركة أصبحت فاصلة ولا بد من حسم خياراتهم لأن لبنان بالنسبة إلينا هو أكبر من وطن انه رسالة".
وفي حوار أعقب البيان، عبّر يونس باسم المجموعة عن "الاستعداد للدفاع عن السرايا الحكومية والمؤسسات الرسمية إذا ما تعرّض لها المتظاهرون بأعمال عنف، عملاً بما تعوّد ورفاقه عليه على يد العماد عون عندما كان قائداً للجيش"، مشيراً إلى انه والمجموعة التي معه لم يغير نهجه ومبادئه، مستغرباً "كيف كان عون يحارب الميليشيات فأصبح اليوم يمشي ويتفاهم معها ويدافع عنها".