إن ما أراه الخيار الوحيد أمام الشيعة في لبنان وفي كلّ مكان، مع اختلاف الشروط، هو خيار تحقيق الكرامة والحد الأعلى من المصالح ، وحفظ دينهم وفهمهم وحرية سلوكهم وممارستهم بقدر الإمكان في ظل الشروط القائمة فعلاً في المنطقة والعالم...
إن ذلك لا يمكن أن يحصل إذا كنّا مصدر خوف للآخرين... لأن الخوف منّا لا يجعلنا متناقضين مع الأنظمة، بل يجعلنا، وهذا أسوأ ما يكون، متناقضين مع الشعوب بالذات، نتناقض مع شركائنا في الوطن... أنّ علينا نحن الشيعة أن نبني حالةً آلفة نفسيّة بين المجتمع غير الشيعي والشيعة... وهذا الأمر يحتاج إلى تواصل وإلى اعتراف متبادل ويحتاج إلى ألاّ يكون الشيعي مصدرًا للخوف بل مركزًا للأمان ... ليس المطلوب إظهار تشيّع الشيعة، فهذا ظاهر إلى درجة الوجع... المطلوب أن يكون الشيعة مواطنين مندمجين في مجتمعهم ومقبولين بشكلٍ كامل... ليس المطلوب إحداث فتنة في المجتمع، بل من المحرّم إحداث فتنة في المجتمع! - لا تنظروا إلى أنفسكم كفئة متميّزة عن سائر شركائكم في الوطن... عليكم أن تندمجوا اندماجًا كاملاً في محيطكم الوطني من خلال الانخراط في أرقى درجات الالتزام الأخلاقي بقضايا الوطن والمواطنين "
وصيتي الأولى الى عموم الشيعة في مختلف الاوطان ان يدمجوا انفسهم في اقوامهم وفي مجتمعاتهم وفي اوطانهم وأن لا يخترعوا لأنفسهم مشروعاً خاصاً - يميّزهم عن غيرهم تحت اي ستار من العناوين، من قبيل انصافهم ورفع الظلامة عنهم، او من قبيل كونهم اقلية من الاقليات.
ولا يجوز ولا يصح ان يحاولوا - حتى امام ظلم الأنظمة - ان يقوموا بأنفسهم وحدهم وبمعزل عن قوى اقوامهم بمشاريع خاصة للتصحيح والتقويم، لأن هذا يعود عليهم بالضرر ولا يعود على المجتمع بأي نفع ... وأكرر وصيتي الملحة بأن يتجنب الشيعة شعار حقوق الطائفة والمطالبة بحصص في النظام"
اعترف أنّي كنت على خطأ حين طرحت" مشروع الديمقراطية العددية في لبنان" ،و استقر رأيي على "أن الديمقراطية التوافقية ومبدأ "لبنان وطن نهائي لجميع أبنائه" ليس فقط استجابة وترضية للمسيحيين، بل ضرورة للاجتماع اللبناني ولبقاء كيان لبنان، ولمصلحة العالم العربي في كثير من الأبعاد، وحتى لمصلحة جوانب كثيرة من العالم الإسلامي، ونحن نمرّ في حقبة تاريخية مفصلية تتعلق بقضايا التنوع والتعددية السياسية وما إلى ذلك" ...
كان الامام المرحوم الشيخ شمس الدين اول من نبه وحذر مرارا وتكرارا مما اسماه "اسلامية سياسية" او "شيعية سياسية " خطابه الشهير في قرية بنهران الشيعية في شمال لبنان: 22\9\1991
يقال ان اتفاق الطائف قد كرّس معادلة غالب ومغلوب، او انه كان انتصارا للمسلمين على حساب المسيحيين؛ لكنّه اعاد تذكير "جميع اللبنانيين، انه لا يجوز لهم - او لبعضهم - النظر الى الصيغة الجديدة باعتبار انها تمثل انتصارا لفريق على فريق، ولا يجوز لاحد ولا لفئة ان تتصرف على هذا الاساس..."،
"لم ينتصر احد على احد، بل انتصر كل لبنان ومجموع الشعب اللبناني. ان الصيغة التي نريد والدولة التي نريد ليست ولن تكون لطائفة دون اخرى، او مع فئة دون اخرى، فضلا عن ان تكون دولة اشخاص... انها دولة الجميع وللجميع، عدالة ومساواة وكرامة"
"الوجود والحضور معًا، والفاعلية والدور في صنع القرارات، وفي تسيير حركة التاريخ، وان تكون هناك شراكة كاملة في هذا الشاْن بين المسلمين والمسيحيين في كل اوطانهم وفي كل مجتمعاتهم"